يعنينا هو بيان أنّ الاسم الحقيقي الصحيح لجزيرة فرعون هو قريّة ويلفظها البدو من أهل المنطقة وغيرهم ( إقْرَيّة ) . وللحديث عن الجزيرة وقلعتها مواضيع أخرى سأطرحها فيما بعد إن شاء الله تعالى ، وجزيرة قريّة هي الجزيرة الوحيدة لأيلة ، وكان فيها قلعة لعبت دوراً خطيراً في فترة الحروب الصليبية ، وكانت مقرّاً لوالي أيلة في العهد المملوكي ، ومن أقدم الرحّالة الذين ذكروها باسمها الصحيح الرحّالة السويسري المشهور جون لويس بيركهارت فيما كتبه في رحلته عام 1816 م حيث قال يصف الطريق إلى العقبة : " ... وامتدّ أمامنا لسان من الأرض يُسمّى رأس قريّة ومن خلفه كما قيل لي يمتدّ لسان آخر يُسمّى لسان العقبة " أ . هــ
وقال : " لقد أخبرني أدلّائي أنّه في البحر مقابل اللسان المذكور ( رأس قريّة ) جزيرة صغيرة ، وأكّدوا لي بأنّهم راوا تلك الجزيرة بوضوح تام ، ولكنّني لم أتمكّن من رؤيتها بنفسي . إذ كان الوقت مساءاً عندما أشاروا إليها ، وفي صباح اليوم التالي غطّى الخليج ضباب كثيف حال دون رؤيتها ، وعلى هذه الجزيرة وبناء على زعمهم توجد خرائب الكفرة ، ولعدم وجود مراكب في تلك النواحي لم يتمكّن الدليل عايد والذي تردّد على هذا المكان مرّات لم يتمكّن من مشاهدة هذه الخرائب عن قرب ، ووصفت هذه الخرائب بأنّها واسعة ومبنية من الحجارة الصلدة ، وتُدعى الدير ، وهي اصطلاح طالما أطلقه العرب على الخرائب بصورة عامّة إذ افترضوا أنّ الرهبان قد سكنوها " أ . هــ
وذكرها بهذا الاسم أيضاً الرحّالة الأميركي هنري ردجواي في رحلته عام 1874 م فقال : " ... مررنا بدير القدّيسة كاترين ، واقتربنا بعد ايّام من شاطئ البحر على خليج العقبة ، وشاهدنا جزيرة ( قريظة ؟ ) على بعد ميل تقريبا من الشاطئ ، وبعد من بعيد لأنظارنا خرائب قلعتها القديمة ، إنّها قلعة ( أيلة ) التي ذكرها أبو الفداء ، وكان رينو دي شاتيلون ( الأمير الصليبي ) قد حاصرها عام 1182 ولكنّ الجزيرة لم تستسلم له ... " أ . هــ
قلت : الاسم الصحيح للجزيرة هو جزيرة قريّة وليس قريظة فهي ترجمة غير دقيقة للأستاذ سليمان الموسى فأهل المنطقة وهم قبيلة الأحيوات ، وكذلك غيرهم من قبائل سيناء يسمّونها قريّة كما جاء في نصّ بيركهارت المتقدّم ، وقد أشار نعوم شقير إلى اسمها هذا فقال : " تعرف عند البدو بالقلعة أو القليعة أو القريّة " ( تاريخ سيناء ، ص 16 ــ 17 ) ، وهكذا ذكر اسمها الرحّالة الغربيّون فهذا هو الاسم الأصليّ للجزيرة وقريّة تصغير قرية لأنّها كانت كقرية صغيرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق