تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

الخميس، 21 يونيو 2018

أيلة ( العقبة ) في نصوص ابن إياس ( 852 ــ 930 هــ 1448 م ــ 1523 م )


تحدّث ابن اياس المؤرّخ المصري عن أيلة ، وعن تمهيد طريقها للحجاج القادمين من الديار المصرية ، وذكر أنّه كان يوجد بها قصر يستخدم لقبض المكوس أي الضرائب والجمارك من التجّار الذين تأتي مراكبهم من بلاد الهند والصين واليمن مما يدلّ على نهضة تجارية واقتصادية كبرى في مدينة أيلة وفيما يلي نصّ ما قاله بجرفه :
قال ابن إياس ( 852 ــ 930 هــ 1448 م ــ 1523 م ) : " ذكر مدينة أيلة : اعلم أن هذه المدينة كانت بين مصر ومكة ، وهي على شاطئ البحر الملح ، وهي أوّل حدّ الحجاز ، وكانت مدينة جليلة بها تجّار كثير ، وكانت حدّ مملكة الروم في الزمن القديم ، وكان بها قصر يسكن به قبّاض المكوس بسبب مراكب التجار الذين ترد هناك من الهند واليمن والصين وغير ذلك من البلاد ، وقد بنيت هذه المدينة في زمن داود عليه الصلاة والسلام ، وكان يسكن بها طايفة من اليهود وهم الذين حرّم الله تعالى عليهم الصيد يوم السبت ، وكانوا قبل ذلك يصيدون بها الأسماك يوم السبت ، فحرّم الله عليهم ذلك .


وبين أيلة وبيت المقدس ستّ مراحل وبين الطور وأيلة يوم وليلة ، وكانت عقبة أيلة صعبة السلوك فأصلحها الأمير أحمد بن طولون صاحب مصر وسوى طريقها ، وقطع الأحجار حتى أمكن بها السلوك بالجمال وربح ثواب الحجاج من يومئذٍ ، وكان بأيلة طايفة من اليهود يزعمون أنّ عندهم برد للنبي صلّى الله عليه وسلّم ، وأنّه بعثه لصاحب أيلة أماناً ، وكان باقياً عندهم يخرجونه للناس يتبرّكون به فاستمرّ عندهم حتى اشتراه منهم بعض خلفاء من بني العبّاس ، ويقال أنّ أيلة هي القرية التي ذكرها الله تعالى في القرآن العظيم حيث قال واسالهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر . قال ابن إسحاق في المغازي ك لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة فصالحه على أن يعطيه الجزيرة ، وكتب له النبي صلّى الله عليه وسلّم أماناً بأنهم لا يمنعوه من البيع والشراء في البر والبحر ن وأعطى صاحب أيلة بردته وهي صوف أبيض ، وكان ذلك سنة تسع من الهجرة .
كان إلى جانب أيلة مدينة يقال لها عصيون ، وكانت ذات نخيل وزروع وفواكه ، ولم تزل مدينة أيلة عامرة إلى سنة خمس عشرة وأربعماية ، وبها القصر المقدم ذكره . انتهى " أ . هــ 
وقال : " ذكر مدينة أيلة : اعلم أن هذه المدينة كانت بين مصر والينبع ، وكانت على شاطئ البحر المالح ، وهي أوّل حدّ الحجاز ، وكانت مدينة عامرة محكمة البناء ، وكان بها قصر عالٍ هناك يجلسون فيه القبّاض عند أخذ المكس من التجّار ، وكان بينها وبين بيت المقدس ستّ مراحل ، وما يتّصل إليها إلّا من هناك .
وكانت العقبة صعبة السلوك إلى أن أصلحها الأمير أحمد بن طولون وسوّى طريقها التي كانت محجراً فمن يومئذٍ سلك طريقها ، ولم تزل مدينة أيلة عامرة إلى سنة خمس عشرة وأربعمائة ، فتلاشى أمرها من بعد ذلك " أ . هــ 

قلت : قول ابن إياس : ( ولم تزل مدينة أيلة عامرة إلى سنة خمس عشرة وأربعمائة ، فتلاشى أمرها من بعد ذلك ) كلام غير صحيحٍ ، فقد كانت عامرة مزدهرة  ، وقد نزلها العلماء في القرن الخامس بعد عام 415 هــ ومنهم شيخ الإسلام أبي الفتح الرازي الشافعي سليم بن أيوب بن سليم أبو الفتح الرازي الفقيه الشافعي الذي كان في أيلة عام 445 هـــ ، كما نزلها الخطيب البغدادي المتوفّى عام 463 هــ والتقى فيها بابي الفتح الرازي ، وقد ذكرها غير واحد من الرحّالة والعلماء بما يدلّ على عمرانها وازدهارها رغم من تعرّض له من نكبات كالزلزال المدمّر عام 460 هــ ، وكذلك الاحتلال الصليبي لنحو 55 عاماً من عام 510 هــ إلى أن حرّرها السلطان صلاح الدين الأيّوبي عام 566 هــ ، ومن الرحّالة الذين ذكروها العبدري في رحلته عام 688 هــ حيث قال : " أيلة من أسواق الرّكب الكبار " أ . هــ ، وقال الملك المؤيّد عماد الدين أبو الفداء ( 672 ــ 732 هــ ) ملك حماة : " هي في زماننا برج و به والٍ من مصر " أ . هــ ، وقال الحميري ( ت 727 هــ ) : " أيلة في طريق مكة ، حاطها الله  من مصر ، وهي أول حدّ الحجاز ، وهي مدينة جليلة القدر على ساحل البحر الملح بها يجتمع حاج مصر والمغرب ، وبها التجارة الكثيرة وأهلها أخلاط من الناس " أ . هــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق