بعد أن حرّر السلطان الناصر صلاح الدين أيلة ( العقبة ) عام 578 هــ بالقضاء على القوّة الصليبية التي احتلّت قلعة أيلة ، وحاصرت القلعة الأخرى في جزيرة قريّة التي تُعرف اليوم بجزيرة فرعون ، حاول الصليبيّون إعادة الكرّة لغزو منطقة أيلة واحتلالها أواخر عام 579 هــ أي بعد أقلّ من عام ونصف على تحريرها ، لكنّ كان السلطان صلاح الدين الأيّوبي لهم بالمرصاد في يوم الجمعة الخامس من شهر محرّم الحرام تَوَجَّهت قافلة بغلات وَسلَاح وَبدل مُجَرّد إِلَى قلعتي أَيْلَة وَصدر وَخرج من الشرقية جمَاعَة يخفرونها مَعَ قَيْصر وَإِلَى الشرقية فأوصلها إِلَى أَيْلَة وَصدر .
وقد استناب الوالي في القلعتين من قام بشؤونهما بعد تزويدهما بالرجال والسلاح والغذاء .
وقد سُرّ السلطان صلاح الدين بنجاح قيصر والي الشرقيّة في مهمّته في أيلة ، فشكره على ما قام به في كتابه له بولاية الشرقية فقال :
أما بعد ، فإنّا لما منحنا الله إيّاه من معجزات النصر المستنطق الألسنة بالتسبيح ، وآتاناه من نظر حمى ناضر عيش الأمّة من التّصويح ، وألبسناه من ثياب العظمة المخصوصة بأحسن التوشيع والتوشيح ، ووفّقنا له من اصطفاء من نقبل عليه بوجه التأهيل للمهمّات والتشريح ، وقوّاه من عزائمنا التي ترجّ بها أرض الكفر وتدوّخ ، ووسّعه لنا من الفتوح التي أنباؤها خير ما تصدّر به السّير وتؤرّخ لا نزال نبالغ فيما صان الحوزة وحاطها ، ومدّ رواق الأمنة ومهّد بساطها ، وقرّب نوازح المصالح وجمع أشتاتها ، وأوجب انصرام حبال اختلال الأمور واقتضى انبتاتها .
ولما كانت الأعمال الشرقية جديرة بمتابعة الاعتناء وموالاته ، وإعراق كرم التعهّد فيما يحفظ نظامها بمغالاته ، وأحقّها بأن تصرف إلى صونها وجوه الهمم الطّوامح ، ويوقف عليها حسن الاحتفال الجامع دواعي تذليل الجامح ، إذ كانت أجدر الأعمال بكلاءة الفروع من أوضاعها والأصول ، والباب الذي لا يجب أن يدخله إلّا من أذن له في القدوم إليها والوصول ، ويتعيّن التحرّز على الطّرقات التي منها إليها الإفضاء ، ويوكّل بما دونها من المياه عيون حفظة لا يلزمها النوم والإغضاء ، وكنت أيّها الأمير أشدّ الأمراء بأسا ، وأوفاهم لحسن الذكر الجميل لباسا ، وأكثرهم لمهج الأعداء اختلاسا ، وأجمعهم للمحاسن المختلفة ضروبا وأجناسا ، وقد تناصرت على قصودك الحسنة واضحات الدلائل ، وتحلّت أجياد خلالك من جواهر المفاخر بقلائد غير قلائل ، واستطار لك أجمل سمعة ، وفطمت سيوفك أبناء الكفر عن ارتضاعها من الملّة الإسلامية ثدي طمعة ، ولا استبهمت طرق السياسة إلا هديت إلى مجاهلها ، ولا حلّأ التقصير سواك عن شرائع النّعم إلا غدوت بكفايتك وارد مناهلها ، وكم شهدت مقام جلاد ، وموقف جهاد ، فمزّقت ثوب ما رقّقه نسجا ، وأدلت في ليل قسطله عوادي صوارمك شرجا ، وقمت فيما وكل إليك من أمور الفاقوسيّة وقلعتي صدر وأيلة حرسهما الله تعالى قياما أحظاك بالثناء والصواب ، واستنبت في كلّ منها من أجرى أمورها على الصواب خرج أمر الملك الناصر بكتب هذا السجلّ بتقليدك ولاية الأعمال الشرقية المقدّم ذكرها ؛ فاعتمد مباشرتها عاملا بتقوى الله التي مغنمها خير ما اقتاده مستشعروها لأنفسهم واستاقوه . قال الله تعالى : وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ، وأبسط العدل على أهل هذه الولاية ، واخصص أهل السّلامة بما يسبل عليهم ستر الحياطة والحماية ، وتطلّب المفسدين أتمّ تطلّب ، واحظر عليهم التّنقّل ، في هذه البلاد والتقلّب ؛ ومن ظفرت به منهم فقابله بما يوجبه حكم جريرته ، ويقتضيه موقع جريمته ، ويجعله مزدجرا لسالكي طريقته ، وشدّ من المستخلف على الحكم العزيز شدّا ينصر جانب الشرع ويعزّه ، ويكرّ به على الباطل ترويع الحق وأزّه ، وأعن المستخدمين في المال على استيفائه من وجوهه عند وجوبه ، وبلّغ كلّا منهم من الإعانة على تحصيله أقصى مطلوبه ، وقوّ أيديهم في تخضير البلاد وتعميرها ؛ وابعث المزارعين على مباشرة أحوال الزّراعة وتقرير أمورها ، وفيما يسترعونه من مصالح الأعمال ، ويعود عليهم في موجبات الرجاء بمناحج الآمال ، وراع أمر السّبل والطّرقات ، واجعل احتراسك عليها الآن موفيا على المتقدم من سالف الأوقات ، ولا تن في إنفاذ المتخبّرين إلى بلاد العدوّ ، وتحدّيهم في الرّواح والغدوّ ، بما يمنعهم من الهدوّ ، وكشف أخبارهم ، وتتّبع آثارهم ، وتسيير الجواسيس إلى ديارهم ، حتّى لا تخفى عنك من شؤونهم خافية ، ولا يجدوا سبيل غرّة يهتبلونها والعياذ بالله بالجملة الكافية ، وطالع بما يتجدّد لك وما يرد من الأنباء عليك ، وغير ذلك مما يحتاج إلى علمه من جهتك ، وما تجري عليه أحكام خدمتك ؛ فاعلم هذا واعمل به إن شاء الله تعالى .
أما بعد ، فإنّا لما منحنا الله إيّاه من معجزات النصر المستنطق الألسنة بالتسبيح ، وآتاناه من نظر حمى ناضر عيش الأمّة من التّصويح ، وألبسناه من ثياب العظمة المخصوصة بأحسن التوشيع والتوشيح ، ووفّقنا له من اصطفاء من نقبل عليه بوجه التأهيل للمهمّات والتشريح ، وقوّاه من عزائمنا التي ترجّ بها أرض الكفر وتدوّخ ، ووسّعه لنا من الفتوح التي أنباؤها خير ما تصدّر به السّير وتؤرّخ لا نزال نبالغ فيما صان الحوزة وحاطها ، ومدّ رواق الأمنة ومهّد بساطها ، وقرّب نوازح المصالح وجمع أشتاتها ، وأوجب انصرام حبال اختلال الأمور واقتضى انبتاتها .
ولما كانت الأعمال الشرقية جديرة بمتابعة الاعتناء وموالاته ، وإعراق كرم التعهّد فيما يحفظ نظامها بمغالاته ، وأحقّها بأن تصرف إلى صونها وجوه الهمم الطّوامح ، ويوقف عليها حسن الاحتفال الجامع دواعي تذليل الجامح ، إذ كانت أجدر الأعمال بكلاءة الفروع من أوضاعها والأصول ، والباب الذي لا يجب أن يدخله إلّا من أذن له في القدوم إليها والوصول ، ويتعيّن التحرّز على الطّرقات التي منها إليها الإفضاء ، ويوكّل بما دونها من المياه عيون حفظة لا يلزمها النوم والإغضاء ، وكنت أيّها الأمير أشدّ الأمراء بأسا ، وأوفاهم لحسن الذكر الجميل لباسا ، وأكثرهم لمهج الأعداء اختلاسا ، وأجمعهم للمحاسن المختلفة ضروبا وأجناسا ، وقد تناصرت على قصودك الحسنة واضحات الدلائل ، وتحلّت أجياد خلالك من جواهر المفاخر بقلائد غير قلائل ، واستطار لك أجمل سمعة ، وفطمت سيوفك أبناء الكفر عن ارتضاعها من الملّة الإسلامية ثدي طمعة ، ولا استبهمت طرق السياسة إلا هديت إلى مجاهلها ، ولا حلّأ التقصير سواك عن شرائع النّعم إلا غدوت بكفايتك وارد مناهلها ، وكم شهدت مقام جلاد ، وموقف جهاد ، فمزّقت ثوب ما رقّقه نسجا ، وأدلت في ليل قسطله عوادي صوارمك شرجا ، وقمت فيما وكل إليك من أمور الفاقوسيّة وقلعتي صدر وأيلة حرسهما الله تعالى قياما أحظاك بالثناء والصواب ، واستنبت في كلّ منها من أجرى أمورها على الصواب خرج أمر الملك الناصر بكتب هذا السجلّ بتقليدك ولاية الأعمال الشرقية المقدّم ذكرها ؛ فاعتمد مباشرتها عاملا بتقوى الله التي مغنمها خير ما اقتاده مستشعروها لأنفسهم واستاقوه . قال الله تعالى : وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ، وأبسط العدل على أهل هذه الولاية ، واخصص أهل السّلامة بما يسبل عليهم ستر الحياطة والحماية ، وتطلّب المفسدين أتمّ تطلّب ، واحظر عليهم التّنقّل ، في هذه البلاد والتقلّب ؛ ومن ظفرت به منهم فقابله بما يوجبه حكم جريرته ، ويقتضيه موقع جريمته ، ويجعله مزدجرا لسالكي طريقته ، وشدّ من المستخلف على الحكم العزيز شدّا ينصر جانب الشرع ويعزّه ، ويكرّ به على الباطل ترويع الحق وأزّه ، وأعن المستخدمين في المال على استيفائه من وجوهه عند وجوبه ، وبلّغ كلّا منهم من الإعانة على تحصيله أقصى مطلوبه ، وقوّ أيديهم في تخضير البلاد وتعميرها ؛ وابعث المزارعين على مباشرة أحوال الزّراعة وتقرير أمورها ، وفيما يسترعونه من مصالح الأعمال ، ويعود عليهم في موجبات الرجاء بمناحج الآمال ، وراع أمر السّبل والطّرقات ، واجعل احتراسك عليها الآن موفيا على المتقدم من سالف الأوقات ، ولا تن في إنفاذ المتخبّرين إلى بلاد العدوّ ، وتحدّيهم في الرّواح والغدوّ ، بما يمنعهم من الهدوّ ، وكشف أخبارهم ، وتتّبع آثارهم ، وتسيير الجواسيس إلى ديارهم ، حتّى لا تخفى عنك من شؤونهم خافية ، ولا يجدوا سبيل غرّة يهتبلونها والعياذ بالله بالجملة الكافية ، وطالع بما يتجدّد لك وما يرد من الأنباء عليك ، وغير ذلك مما يحتاج إلى علمه من جهتك ، وما تجري عليه أحكام خدمتك ؛ فاعلم هذا واعمل به إن شاء الله تعالى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق