كان البحر الأحمر يُعرف قديماً باسم بحر أيلة ، وقد شمل اسم أيلة البحر كلّه بخليجيه الشرقيّ وهو خليج أيلة ( العقبة ) ، والغربي وهو خليج القلزم ( السويس ) ، وهو ما يدلّ على شهرة أيلة وازدهارها وتقدّمها في العهود المتقدّمة .
ويبلغ طول البحر الأحمر نحو 1932 كم ، كما يبلغ عرضه الأقصى 306 كم ، ويغطي مساحة 450 ألف كم 2 ، وينتهي شمالاً بخليجي العقبة شرقاً ويبلغ طوله نحو 180 كم وعرضه 15 ــ 28 كم ، والسويس غرباً ويبلغ طوله نحو 325 كم وعرضه 15 ــ 46 كم .
وفي جنوبيّ البحر الأحمر مضيق باب المندب الذي يصل بينه وبين المحيط الهندي ويبلغ عرضه نحو 27.7 كم .
وفي جنوبيّ البحر الأحمر مضيق باب المندب الذي يصل بينه وبين المحيط الهندي ويبلغ عرضه نحو 27.7 كم .
قال الرازي ( 606 هــ ) : " فَأَمَّا بَحْرُ الْهِنْدِ فَإِنَّهُ يَمْتَدُّ طُولُهُ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ ، مِنْ أَقْصَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى أَقْصَى أَرْضِ الْهِنْدِ وَالصِّينِ ..... وَخُلْجَانُ هَذَا الْبَحْرِ :
الْأَوَّلُ : خَلِيجٌ عِنْدَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَيَمْتَدُّ إِلَى نَاحِيَةِ الْبَرْبَرِ ، وَيُسَمَّى الخليج البربري ، طول مِقْدَارُ خَمْسُمِائَةِ مِيلٍ وَعَرْضُهُ مِائَةُ مِيلٍ .
وَالثَّانِي : خَلِيجُ بَحْرِ أَيْلَةَ وَهُوَ بَحْرُ الْقُلْزُمِ ، طُولُهُ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ مِيلٍ ، وَعَرْضُهُ سَبْعُمِائَةِ مِيلٍ ، وَمُنْتَهَاهُ إِلَى الْبَحْرِ الَّذِي يُسَمَّى الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ ، وَعَلَى طَرَفِهِ الْقُلْزُمُ ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ بِهِ ، وَعَلَى شَرْقِيِّهِ أَرْضُ الْيَمَنِ وَعَدَنٍ ، وَعَلَى غَرْبِيِّهِ أَرْضُ الْحَبَشَةِ .
الثَّالِثُ: خَلِيجُ بَحْرِ أَرْضِ فَارِسَ ، وَيُسَمَّى :
الْخَلِيجَ الْفَارِسِيَّ ، وَهُوَ بَحْرُ الْبَصْرَةِ وَفَارِسَ ، الَّذِي عَلَى شَرْقِيِّهِ تِيزُ وَمَكْرَانُ ، وَعَلَى غَرْبِيِّهِ عُمَانُ طُولُهُ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ مِيلٍ ، وَعَرْضُهُ خَمْسُمِائَةِ مَيْلٍ ، وَبَيْنَ هَذَيْنِ الْخَلِيجَيْنِ أَعْنِي خَلِيجَ أَيْلَةَ وَخَلِيجَ فَارِسَ أرض الحجاز وَالْيَمَنِ وَسَائِرُ بِلَادِ الْعَرَبِ ، فِيمَا بَيْنَ مَسَافَةِ ألف وخمسائة مَيْلٍ " أ . هــ
قلت : يفيدنا هذا النصّ أنّ خليج بحر أيلة هو بحر القلزم ، وأنّ خليج أيلة يحدّ جزيرة العرب من جهة الغرب .
وجاء في كتاب مجهول المؤلف كتبه صاحبه عام 372 هــ في ذكر البحار المتفرّعة من البحر الأعظم ( المحيط الهندي ) قوله : " .... بحر كبير يدعى البحر الأعظم : حده المشرقي متصل ببحر المحيط المشرقي . ويمر عليه ما يعادل ثلث خط الاستواء . ويبدأ الحد الشمالي لهذا البحر من الصين فيمرّ على مدن الهند ومدن السند ، ومن ثم يمرّ بحدود كرمان وفارس ، وكذلك على حدود خوزستان وحدود البصرة . أمّا حدّه الجنوبي فيبدأ من الجبل الطاعن ، ويمر ببلاد الزابج ، ثم يصل إلى بلاد الزنوج والأحباش . والحد المغربي لهذا البحر خليج يحيط بجميع بلاد العرب .
ولهذا البحر خمسة خلجان :
الأول : الخليج الذي يبدأ من حدود الحبشة ويمتد نحو المغرب حتى يصل أمام السودان ويقال له الخليج البربري .
الثاني : خليج يتصل بهذا الخليج متجه نحو الشمال حتى يصل حدود مصر، حيث يضيق بعد ذلك ليصبح عرضه هناك ميلاً واحداً ، ويدعى الخليج العربي وخليج أيلة أيضاً ، ويدعى خليج القلزم كذلك .
الثالث : يبدأ من حد فارس ، ويتوسط متجها نحو المغرب والشمال حتى لا يبقى بينه وبين خليج أيلة سوى ستة عشر منزلا على الجمّازة ، ويدعى هذا الخليج خليج العراق ، وإنَّ جميع بلاد العرب تقع بين هذين الخليجين : خليج أيلة وخليج العراق " أ . هــ
ولهذا البحر خمسة خلجان :
الأول : الخليج الذي يبدأ من حدود الحبشة ويمتد نحو المغرب حتى يصل أمام السودان ويقال له الخليج البربري .
الثاني : خليج يتصل بهذا الخليج متجه نحو الشمال حتى يصل حدود مصر، حيث يضيق بعد ذلك ليصبح عرضه هناك ميلاً واحداً ، ويدعى الخليج العربي وخليج أيلة أيضاً ، ويدعى خليج القلزم كذلك .
الثالث : يبدأ من حد فارس ، ويتوسط متجها نحو المغرب والشمال حتى لا يبقى بينه وبين خليج أيلة سوى ستة عشر منزلا على الجمّازة ، ويدعى هذا الخليج خليج العراق ، وإنَّ جميع بلاد العرب تقع بين هذين الخليجين : خليج أيلة وخليج العراق " أ . هــ
وقال : " وكل مكان من هذا البحر الأعظم يدعى باسم المدينة أو البلاد التي تحاذيه ، كبحر فارس وبحر البصرة وبحر عمان وبحر الزنج وبحر الهند ، وما شابه ذلك " أ . هــ
قلت : يفيدنا هذا النصّ أنّ خليج أيلة يُعرف أيضاً باسم الخليج العربي ، وخليج القلزم ، وأنّ بلاد العرب في الجزيرة العربية تقع بين خليج أيلة غرباً وخليج العراق شرقاً . أي أنّ خليج أيلة اسمٌ يعمّ كلّ البحر الذي عُرف فيما بعد بالبحر الأحمر .
وقال ياقوت الحموي : " جَزيرَةُ العَرَب : قد اختلف في تحديدها ، وأحسن ما قيل فيها ما ذكره أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب مسندا إلى ابن عباس ، قال : اقتسمت العرب جزيرتها على خمسة أقسام ، قال : وإنما سُميت بلاد العرب جزيرة لإحاطة الأنهار والبحار بها من جميع أقطارها وأطرافها فصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحر، وذلك أن الفرات أقبل من بلاد الروم فظهر بناحية قنّسرين ، ثم انحط على أطراف الجزيرة وسواد العراق حتى وقع في البحر في ناحية البصرة والأبلّة وامتدّ إلى عبادان ، وأخذ البحر في ذلك الموضع مغربا مطيفاً ببلاد العرب منعطفاً عليها فأتى منها على سفوان وكاظمة إلى القطيف وهجر وأسياف البحرين وقطر وعمان والشّحر ، ومال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبين وعدن وانعطف مغرباً نصباً إلى دهلك ، واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن إلى بلاد فرسان وحكم والأشعريين وعكّ ، ومضى إلى جدّة ساحل مكة والجار ساحل المدينة ثم ساحل الطور وخليج أيلة وساحل راية حتى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها " أ . هــ
وقال الهمداني : " .... وإنما سميت بلاد العرب الجزيرة لإحاطة البحار والأنهار بها من أقطارها وأطرارها، وصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحر، وذلك أن الفرات القافل الراجع من بلاد الروم يظهر بناحية قنَّسرين ثم انحطَّ على الجزيرة وسواد العراق حتى دفع في البحر من ناحية البصرة والأبلة وامتد إلى عبَّادان وأخذ البحر من ذلك الموضع مغرِّبا ببلاد العرب منعطفاً عليها فأتى منها على سفوان وكاظمة ونفذ إلى القطيف وهجر وأسياف البحرين وقطر وعُمان والشِّحر ومال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبين وعدن ودهلك، واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن بلاد فرسان وحكم والأشعريين وعكٍّ ومضى إلى جدة ساحل مكة والجار ساحل المدينة وساحل الطور وخليج أيلة وساحل راية ــ كورة من كور مصر البحرية ــ حتى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها " أ . هــ
وقال : " أفضل البلاد المعمورة من شق الأرض الشمالي إلى الجزيرة الكبرى ، وهي الجزيرة التي يسميها بطليموس ما روي تقطع على أربعة أقاليم ، من عمران الشمال إلى الخامس ، فجنوبيها : اليمن ، وشماليها : الشأم ، وغربيها : شرم أيلة وما طردته من السواحل إلى الُقلزم وفسطاط مصر ، وشرقيها : عُمان والبحرين وكاظمة والبصرة، وموسطها : الحجاز وأرض نجد والعروض ، وتسمى جزيرة العرب ، لأن اللسان العربي في كلها شائع وأن تفاضل ... " أ . هــ
تفيدنا هذه النصوص بأنّ خليج العقبة عُرف بخليج أيلة ، وكذلك باسم شرم أيلة وأنّه يحدّ جزيرة العرب من الغرب .
وقال الصحاري : " قال أبو المنذر هشام بن محمد : بن السائب إنما بلاد العرب الجزيرة لإحاطة البحور بها والأنهار بها من أطرافها وأقطارها ، فصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحور ، وذلك أن الفراق أقبل من بلاد الرُّوم فظهر بناحية قنسرين ، ثم انحط إلى أطراف البَصْرة والأبُلّة ، وامتد البحر من ذلك مُطِيفاً ببلاد العَرَب ، مُنْعَطفَاً عليها ، فأتى منها على سفوان وكاظمة ، ونفذ منها إلى القطِيَف وهَجَر ، وأسياف قطرُ عُمان . ومال منه إلى حَضَرَمَوْت وناحية أبين وعدن ودهلك واستطال ذلك العنق ، فطعن إلى تهايُم اليمن بلاد فَرَسان وحكم والأشعريين وعَكّ ومضى إلى ساحل جدّة ، وحازَ ساحل المدينة ثم ساحل الطُّور وخليج أيْلة ، وساحل بانه حتى بلغ قَلْزَم مصر ، وخالط بلادها " أ . هــ
وقال البكري : " ... وإنّما سمّتها العرب الجزيرة لإحاطة البحار والأنهار بها من أقطارها ، وصاروا منها في مثل الجزيرة . وذلك أن الفرات أقبل من ناحية بلاد الروم فظهر بناحية قنّسرين، ثم انحطّ على أطراف الجزيرة وسواد العراق حتّى وقع في البحر من ناحية البصرة والأبلّة ، وامتدّ البحر من ذلك الموضع لمطيفها منقطعا عليها، فأتى منها على سفوان وكاظمة ونفذ إلى القطيف وبنجد وأسواق عمان والشحر ، ومال منه عنق إلى حضر موت وناحية أبين وعدن ودهلك ، واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن ببلاد برسان وجاور والحكم والأشعرين وعكّ ، ومضى إلى جدّة ساحل مكّة والجار ساحل المدينة ، ثمّ إلى ساحل الطور وتيماء وخليج أيلة حتّى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها " أ . هــ
وقال المطهر بن طاهر المقدسي ( ت نحو 355 هــ ) : " بحر الهند طوله من المشرق من أقصى الهند إلى أقصى الحبش ثلاثة آلاف ميل وعرضه ألفان وسبع مائة ميل يخرج منه خليج إلى ناحية البربر يسمى الخليج الفارسي طوله ألف وأربع مائة ميل وعرضه خمس مائة ميل وفيما بين هذين الخليجين خليج فارس وخليج أيلة أرض الحجاز واليمن " أ . هــ
قلت : يفيدنا هذا النصّ أن بلاد الحجاز واليمن تقع بين خليج أيلة وخليج فارس .
وقال ابن عادل ( ت نحو 880 هــ ) : " .... ويخرج منه خليج عند أرض الحبشة يمتد إلى ناحية البربر، يسمَّى البربريُّ ، وخليج بحر أيلة ، وهو بحر القلزم ، ينتهي إلى البحر الأخضر على شرقيّ أرض اليمن وعلى غربيّ أرض الحبشة ، وخليج بحر فارس يسمى الفارسي وهو بحر البصرة على شرقي تيز ومكران ، وعلى غربيه عُمان وبين هذين الخليجين خليج أيلة ، وخليج فارس الحجاز واليمن " أ . هــ
قلت : يفيدنا هذا النصّ أنّ خليج بحر أيلة هو بحر القلزم ، وأنّه يحدّ بلاد الحجاز واليمن من جهة الغرب .
وقد عرف خليج العقبة بخليج أيلة في الكتب اليونانية واللاتينية قبل الإسلام . قال الدكتور جواد علي : " أمّا خليج العقبة ؛ فقد عُرف بـ " خليج أيلة " وبـ " خليج الأيلانيين " ، " sinus aelanites" "sinus aelaniticus " في الكتب الكلاسيكية ، نسبة إلى مدينة " أيلة " المسماة " إيلات " " elath " و " أيلوت " eloth عند العبرانيين " أ . هــ
وكلّ هذا يكشف لنا أنّ اسم أيلة ( العقبة ) طغى على الخليج المنسوب إليها بل طغى على اسم البحر الأحمر كلّه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق