روى الإمام ابن عساكر بسنده عن رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الأشعريّين أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثه مبعثاً ركب فيه البحر حتى خرج إلى أيلة وما يليها ، فلمّا كان بالمكان الذي هو به من الشام بلغه قدوم زيد بن حارثة ، وذلك الجيش البلقاء ومن لقيهم من جماعة الروم ومن تبعها من قبائل العرب ، فخرجت حتى أتيتهم . قال : فلقيناهم وشهدت المعركة ، فاقتتلنا قتالاً شديداً ، ولبس زيد درعاً له وركب فرساً ، وبيده الراية ، فقاتل ، ثمَّ نزل عن الفرس ، ونزع الدرع ، وقال : من يأخذ هذا ؟ وقتل زيد ، وأخذه جعفر ، فلبس الدرع ، وركب الفرس ، وأخذ الراية ، فتقدّم فقاتل ، فقتل ، ولمّا انتهت الراية إلى عبد الله بن رواحة قاتل ، ثمَّ صنع ما صنع صاحباه ، ثمَّ نزل عن الفرس ، ونزع الدرع ، وقال : من يأخذ هذا ؟ وجال الناس جولة ، وأخذ الراية رجلٌ من الأنصار ، فقاتل بها إذ مَّر به خالد بن الوليد ، فقال له الأنصاري : يا خالد خذ الراية . قال : أنت أحقُّ بها أنت أخذتها ، وقال الأنصاري : أنت أحقُّ بها ، فإنك أشجع منّي ، فأخذها خالد .
قلت : يتبيّن لنا من هذا أنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أرسل بعثاً فيهم هذا الأشعري سار في البحر الأحمر إلى أن وصلوا إلى أيلة ، فنزلوا في أيلة وما يليها ، ولم يتعرّض لهم أحدٌ بشيءٍ ، وهذا يعني أنّ أهل أيلة برئاسة أسقفهم يوحنّا بن رؤبة كانوا يتوقون إلى التخلّص من ربقة سيطرة الروم ، ذلك أنّهم لم يعترضوا على قدوم هذه القوّة ، بل يظهر ترحيبهم بها ، يدلّ على ذلك أنَّ هذه القوّة حينما كانت هناك بلغها قدوم زيد بن حارثة رضي الله عنه بالجيش الإسلامي إلى مؤتة لمقاتلة الروم ، فسارت إلى الانضمام إلى الجيش المسلم دون خشية من أهل أيلة رغم علم هؤلاء بما أعدّه الروم من جيشٍ كبيرٍ لمقاتلة المسلمين ، وكانت الواقعة مع الروم في شهر جمادى الأولى عام 8 هــ ، وفي العام التالي وهو العام التاسع للهجرة سار يوحنّا بن رؤبة بكبار أهل أيلة إلى النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عند قدومه إلى تبوك وضمّ منطقته إلى الدولة الإسلاميّة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق