تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

السبت، 30 مارس 2019

نصوص ابن بهرام عن العقبة في القرن الحادي عشر للهجرة السابع عشر للميلاد


من بين علماء البلدانيات في القرن الحادي عشر للهجرة ابن بهرام الدمشقي ( ت 1102 هــ ) وله نصوص عديدة عن العقبة وفيما يلي نصّ ما قاله عنها : 
قال في ذكر بيان بلاد تهامة الحجاز ومواضعها وحدودها أنّ منها : أيلة ، العقبة ، وقال : " فمن جملة بقاع ذلك الإقليم ونواحيه المذكورة : .... ووادي أيلة " أ . هــ
وقال : " ودور هذا الإقليم هي مسافة ستّة أشهر ونصف الشهر . ومثال لتفصيل ذلك : أنّ أيلة التي تعدّ حدّاً ، وهي مكان على شاطئ بحر السويس ، قرب الطور ، وقلعتها الآن تابعة لمصر ، فمنها إلى الموضع الذي يُسمّى مدين ويسمّى الآن مغاير شعيب منزلان .... " أ . هــ
وقال في ذكر المسافة بين جبال الشراة وأيلة : " .... وإلى جبل الشراة ثلاثة منازل ، وإلى أيلة ثلاثة منازل ... " أ . هــ
وقال : " وعمل السلطان الغوري مآثر وخيرات في عقبة أيلة في طريق الحجّ الشريف ..... " أ . هــ 

وقال : " حدود تهامة الحجاز : في الجنوب اليمن ومن بيش ، وتمتدّ حدودها حتى تصل إلى أيلة ... " أ . هــ
وقال : " وأيلة مدينة قديمة على ساحل بحر السويس وهي حدود بادية الشام والحجاز ومصر ، وهي بداية الحجاز . وطريق حجّاج مصر يصعد إليها ، وهي المقصودة بالقرية في الآية الكريمة واسألهم عن القرية ( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ ) ، وفي أيلة يوجد برج ، وبها حاكم من قبل والي مصر ، وبالقرب منها المكان الذي غرق فيه فرعون ، وعندها يتلاقى الحجّاج القادمون من مصر وغزّة والقدس ، وكانت مدينة جليلة في عهد داود عليه السلام ، وتبعد عن القدس بمسافة ستّة منازل ، وعن دمشق باثني عشر منزلاً ، وعن السويس خمسة منازل ، وبها بعض الزروع . ولقد ذكرها الله تعالى أيضاً في القرآن الكريم في الآية  ( حَاضِرَةَ الْبَحْرِ ) ، وكان أهل أيلة يهوداً ، ونهاهم الله تعالى عن صيد السمك في يوم السبت ، وحرمه عليهم . وكان السمك يكثر في البحر في يوم السبت بدرجة كبيرة ، حتى إن الماء لا يرى منه. ثم وسوس لهم الشيطان ، وأضلهم بأن قال لهم : " لقد نهيتم عن الصيد في يوم السبت ، ولكن اصنعوا حياضاً على أطراف البحر ، ثم سوقوا إليها الأسماك التي تأتي في يوم السبت ، فتبقى محصورة فيها، فتصيدونها يوم الأحد " ، وبهذه الوسيلة استطاعوا صيد كميات كبيرة من الأسماك، وما زاد على حاجتهم ملحوه ، ثم باعوه. وكان أهل أيلة هؤلاء يهوداً كثيرين لا يحصيهم العدد ، فافترقوا إلى ثلاث فرق : ثلث انتهى بنواهي الله ، والتزم أمره ، وثلث قالوا : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ ) ، وثلث اقترفوا الخطيئة ، واتبعوا أوامر الشيطان . ويسمى الثلثان الأول والثاني : منهيين أو ناهين، وأما الذين باشروا الخطيئة ، فقالوا : " إننا لا يمكن أن نسكن معكم في مكان واحد ، فلا تجاورونا " ، وبعد هذا ، قسموا مدينة أيلة إلى بابين ، باب للمنهيين وباب للناهين . ونهضت فرقتا المنهيين والناهين ذات صباح ، فلم يجدوا أحداً من الفرقة التي ارتكبت الخطيئة . فاعتقدوا أنهم أسرفوا في الخمر ، فغلبهم السكر فناموا ، وأخذوا يصعدون فوق جدار منازلهم ليعلموا أمرهم ، فنظروا في داخلها فوجدوهم قد تحولوا جميعا إلى قردة . وبعد ثلاثة أيام حل بهم موت مفاجئ ، وهلكوا جميعا  .
والطور : حيث كلم موسى عليه السلام ربه . بينه وبين أيلة مسيرة ليلة . وفي غزوة تبوك ، جاء صاحب أيلة ، وصالح الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقبل بدفع الجزية ، وأهداه بغلة بيضاء .
وكانت اليهود المقيمون في هذا المكان منذ قديم الزمان ، يقولون : إن لدينا رداء ( برد ) الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه بعث به إليهم أماناً لهم . وكان قد لف في صُرة ، وأبرزوا منه قدر شبر خارج الصُرة ، ويظهرونه للناس للزيارة والتبرك .
وقرب أيلة تقع العقبة ، وهي وعرة صعبة المسلك ، عسيرة في الصعود ؛ فلا يصعد إليها الفارس إلا في نهار كامل ، فيرتقي إلى تل مرتفع مشهور . وكان قد أصلح طريقها ومهدها ، فائق  ؛ أحد موالي خمارويه بن أحمد بن طولون ، وبعده ، أصلح هذه الطريق أيضا السلطان الغوري . أحد ملوك الشراكسة . وذلك في أواخر عمره . وبعد ذلك ، بدأ والي مصر في العهد العثماني داود باشا ، في سنة خمس وأربعين وتسعمئة ، في إصلاح الطريق وتوسيعها ، وأصبح قطع تلك العقبة والنزول إلى أسفلها يستغرق سبع ساعات . وبدأت القوافل من القدس ، والكرك تجتمع في العقبة ، ويجلبون إليها أنواع الفواكه والمأكولات والأغنام . وسكان هذه الناحية هم عرب من الحويطات. ويبدأ الحجاج بالنزول من العقبة ، ويسيرون بين صعود وهبوط ، وفي أثناء ذلك يصلون مكاناً ، ترابه أحمر ، يسمونه الدار الحمراء . ومن هناك يصعدون مسافة بعيدة في طريق مرتفع ذي حجارة ، ثم يعودون للهبوط ، ويمرون ثانية بمضيق يسمونه الحلزون ، ثم يبدؤون في الصعود ثانية إلى المرتقى ،  في مسافة طويلة أيضاً ، حتى يصلوا إلى موضع ذي حجارة حمراء . بعد ذلك ، يستريح الناس قليلاً، وبعدها يستأنفون اجتياز العقبة ثانية ، ويجتازون أودية كبيرة ، صعوداً وهبوطاً ، ثم يبدو البحر ظاهراً أمامهم . ثم يصعدون جبلاً أسود ، ويهبطون منه إلى الفضاء ، حيث ساحل البحر . وهذا آخر مسالك العقبة الضيقة ، ويسلكها بهم العربان . بعد ذلك تأخذ القافلة طريقها ، ويكون البحر على يمينها ، حتى تنزل في أسفل القلعة . وهناك يستريحون مدة ثلاثة أيام " أ . هــ

وقال في ذكر مواضع درب الحاج من مصر إلى العقبة فالحجاز : " ... وبالقرب منها يقع الموضع المسمى عراقيب البغلة ، ثمّ إلى راس الركب ، وهو قريب من المحلّ المُسمّى الجفارات ، ثمّ إلى سطح العقبة ، أي عقبة أيلة . وكانت في القديم بلدة عظيمة ، وهي اليوم خربة . وبالقرب منها ، على مسافة ميل ، توجد بئر مبنية بالحجر ، ماؤها عذب ، وبها نخيل ، وتسكنها طائفة من عربان الحويطات . وهذا المنزل ، يعد الربع الأول من الطريق . والمياه في هذا الربع عذبة بالجملة ، وكثيرة . ثم يسير الركب مع ساحل البحر ، وعلى الجانب الأيسر يوجد جبل الطور ، وهو طويل مستمر عدة أميال ، وفي آخره منحدران ومضيق ، وحفر ( آبار ) ذات مياه عذبة  . ومن هناك يكون الصعود إلى ظهر الحمار ، وهو مرتقى ذو حجارة وصخور ، ومنه إلى الجرفين ، ومنه إلى شرفة بني عطية ، وهو كثير الحطب ، ومنه إلى المطلّات ، مكانٌ بين جبلين ، وفيه توجد محارس بني لام ، ومنه إلى مغاير شعيب ، وفي آبارها توجد مياه عذبة ، ويكثر فيها النخيل ، وأشجار الأثل والمقل ، وتوجد بها ألواح صخرية مكتوبة ، نُقشت عليها أسماء الملوك ، تشبه تلك الموجودة في البرية قرب مياه النيل ، وبعد ذلك يصل الركب إلى قبر الطواشي ... " أ . هــ

قلت : دعوى اليهود أنّ لديهم برد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعوى لا أصل لها ، فالبرد كان مع نصارى أيلة فابتاعه منهم الخليفة أبو العباّس عبد الله بن محمد كما ذكره ابن إسحاق ( ت 150 هــ ) .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق