تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

من مآثر آل أبو العزّ في العقبة : العفو عند المقدرة


في أواخر العهد العثماني تعرّض أحد أفراد عائلة آل أبو العزّ إلى هجوم نتج عنه مقتله وسلب أمواله ، وقد ظلّ القتلة مجهولون لا يعرفهم أحد ، وظلّ العزايزة يبحثون دون كللٍ أو مللٍ عن قتلة رجلهم ، ورغم مضي عشرات السنين إلّا أنّهم كعادة العشائر العربية الأصيلة لم ينسوا ولم يملّوا من البحث ، وبعد نحو 57 عاماً أثمر بحثهم في التوصّل إلى معرفة تلك المجموعة التي هاجمت فقيدهم فقتلوه وسلبوه ، فآن لهم أن يقتصّوا من القاتل ، وأن يأخذوا حقّهم ( بالصاع الوافي ) كما يقول البدو ، ولكن أخلاقهم الكريمة أبت إلّا أن يتمثّلوا خلق نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم بالعفو عند المقدرة . قال صلّى الله عليه وسلّم لسلمة بن الأكوع : " مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ "، قال البغوي : " أَيْ : أَحْسِنِ الْعَفْوَ ، وَالإِسْجَاحُ : حُسْنُ الْعَفْوِ " أ . هــ
فقد تنازل آل أبو العزّ عن كافّة حقوقهم ، وقد اعتبر الزوايدة هذا الصنيع من باب الحسني التي قدّمها آل أبو العز إليهم ، فاعتبروها حسني تربط بين الطرفين ، والحسني هي علاقة طيبة تربط بين عشيرتين من قبيلتين ، تقام على إثر معروفٍ وعملٍ صالحٍ ، وجميلٌ لا ينسى من رجلٍ أو مجموعة من الرجال من قبيلة ما لرجلٍ أو مجموعة من الرجال أو النساء من قبيلة أخرى ، ممّا يكون له أطيب الأثر على الفريقين ، من منع اعتداء وحماية طرفي الحسني ، وحفظ الأملاك في حال سلبها من قبيلة أحد الطرفين ، فالجزاء من جنس العمل . 
وفيما يلي نصّ خبر هذه المأثرة التي دوّنها الدكتور محمد أبو حسّان حيث قال في ذكر الحسني بين آل أبو العزّ في العقبة والزوايدة في الديسة : " قضية قتلٍ قديمةٍ تحوّلت إلى حسنى بعد الصلح :
حوالي سنة 1915 وفي منطقة العقبة تعرّض أحد أفراد عائلة أبو العز من العقبة إلى هجوم مؤلف من غزو عدد أفراده 16 فردا من عشائر مختلفة ، ونتيجة ذلك قتل أبو العز ، ونهب الغزاة مواشيه وأمواله التي كانت معه . وأثناء هذه الفترة الطويلة كانت المطالبة مستمرة وقد توصلت عائلة أبو العز أخيراً إلى حصر القتل بعشيرة الزوايدة إذ أن بعض أفراد الغزو أفادوا بذلك سرّاً ولكنهم رفضوا أن يردوا شهوداً ویسندوا القتل صراحة إلى الزوايدة ، وفي شهر كانون أول سنة 1972 تمّ الصلح في العقبة بين الطرفين وأثناء الجلسة بدأ كبير عائلة أبو العز بطلب ( 15 ) ألف دينار دية المقتول وزعها كالتالي :
1ــ خمسة آلاف دية .
2ــ خمسة آلاف قيمة المواشي والأموال المنهوبة منه .
3ــ خمسة آلاف مقابل الإنكار هذه المدة الطويلة ومقابل أتعاب عائلة أبو العز .
وبالتالي فقد سامح آل أبو العز هذه المبالغ واعتبروا ذلك حسنى لهم فقد ( شدّوها ) حسني عند عشيرة الزوايدة " أ . هــ 

قلت : ويلاحظ هنا أنّ العقوبة كانت كبيرةً وديّةً مغلّظةً ، لأنّ القتيل هنا كان مجحوداً ممّا يعني أنّه في عرف العشائر مربّع أي بأربعة رقاب فلهذا كانت الدية كبيرة مغلّظة ؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق