الشيخ الأستاذ يوسف العظم رحمه الله تعالى
هذه شهادة من أحد رجالات الأردن وأعلامه البارزين لعلمين من رجالات العقبة وكبارها ، وهي شهادة للدور العصامي لأهالي مدينة العقبة خلال القرن الماضي في الاقتصاد الوطني من خلال التجارة مع أبناء الأقطار المجاورة ، وفيما يلي نصّ هذه الشهاد الثمينة بحرفه :
رجلان من العقبة .. لفتا نظري ؟
كانت مدينة العقبة ذات يوم تابعة للحكومة المصرية . وكان معظم سكانها منحدرين من مصر مما جعل العقبة متميزة يومذاك بلهجتها الخاصة القريبة من اللهجة المصرية إلى حد بعيد .
وكان سكان العقبة يعيشون على صيد الأسماك وجانب من تجارة الجمال والأغنام وبعض البضائع مما يحتاجه البدو المحيطون بها مثلما كان أهل معان يعيشون على العمل في سكة الحديد أو الأشغال العامة أو التجا كذلك ، وإن كانت تجارة معان أكبر لأنها تستقطب عدداً أكبر من أبناء عشائر الحويطات التي تسكن حولها في سهول الشراة وجبالها المجاورة لها ممّا دفع عدداً من أبناء العقبة أن ينتقلوا إلى معان .
وكان من أبرز هؤلاء الذين وصلوا إلى معان ، وأقاموا فيها المرحومان علاوي الكباريتي ( أبو عطا الله ) وكامل ماضي ( أبو زياد ) . أما علاوي الكباريتي فقد كان رجلا يلتقي بكثير من البدو في ساحة بيته رجالا وإبلا ... " وذكر أن كثيراً منهم من عربان" بئر السبع ، وقال : " وقد تقلد ولده السيد عبد الكريم منصب رئاسة الوزراء في الأردن ، وكان ذا شخصية متواضعة قوية متميزة ، وقد وفد منها إلى العقبة ثم انتقل إلى معان ، وله فيها تجارة كذلك . وأما كامل ماضي فقد كان مثل بقية أبناء العقبة الذين عاش بعضهم على التجارة مستقرّاً ، وعاش بعضهم متنقلاً بينها وبين معان في بداية الأمر ، ثمَّ مستقرّاً في عمّان بعد فترة من الزمن . وكان كامل ماضي الذي انتقل من العقبة تاجراً ، ثم أصبح صاحب شركه باصات . استبدل بالابل وأصحابها الباصات وسائقيها في القناعة التي كان له فيها السهم الأكبر بين عمان والزرقاء ، وقد استقر في بيته القائم حتى اليوم في جبل الحسين .
كان هذا الرجل الفاضل إذا سار في الطريق سار بهيبة فيها الاتزان وفيها الثقة والنفس والاعتداد بالشخصية ، مع مزيد من الحكمة والعبرة من تجارب الحياة . وإذا تكلم أحد من جيرانه ومعارفه أحسست بدفء لسانه والذوق في معاملته . وكان يفصل بين منزلنا ومنزله مجرى سيل الشلالة الذي كنت قد أشرت إليه من قبل ، ممّا جعل بيني وبين أولاده ألفة لقرب منزلنا من منزله ، حيث نمضي فترة من اللعب معهم ، وأما الدراسة فقد كان كلٌّ منا يأوي إلى بيته ليراجع دروسه وينطلق في الصباح إلى المدرسة التي تبعد عشرات الأمتار عن منزل أبو ثروت التلهوني ، ثم عشرات الأمتار عن منزل كامل ماضي ، ثم منزلنا المجاور ، فمنزل أبو سليمان عرار رحمهم الله أجمعين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق