تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

هل تمّ جلاء آخر جندي بريطاني من العقبة عام 1957 م ؟


كان من أهمّ ما نصّت عليه مذكّرة إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية بتاريخ 13 / 3 / 1957 م : جلاء قوّات الجيش البريطاني من الأردن على أن لا تزيد المدّة التي يتمّ فيها الجلاء عن ستّة أشهر .
وكان الوجود العسكري البريطاني في الأردن يتمثّل في القاعدة الجويّة في المفرق ، وقوّة عسكريّة كبيرة في العقبة تقارب 1500 جندي . قال سليمان موسى : " ... القوات البريطانية في الأردن فكانت تتألف من قوة الطيران في مطار المفرق وقوة المشاة لا يزيد عددها عن الف وخمسمائة جندي في العقبة " أ . هــ ، وممّا جاء في المذكرة الرسمية التي وجّهها وزير الخارجية الأردنية إلى السفير البريطاني في عمّان نهار الأربعاء  13 / 3 / 1957 م بخصوص إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية وجلاء القوّات البريطانية من الأردن : 


1ــ تنتهي معاهدة التحالف بين المملكة المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية الموقعة بتاريخ 15 / آذار سنة 1948 مع ملحقها وجميع المذكرات والكتب المتبادلة عند توقيعها وأيّة اتفاقات أخرى لاحقة متعلّقة بها ( ويشار إليها فيما بعد بمعاهدة 1948 ) ويبطل مفعولها ابتداء من اليوم الذي تقوم فيها حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بالتبليغ المنصوص عليه في الفقرة الخيرة من هذه المذكرة . 

2ــ يبدأ جلاء القوات البريطانية الموجودة في أراضي المملكة الأردنية الهاشمية لأغراض معاهدة سنة 1948 بأسرع وقت ممكن بعد تاريخ هذه المذكرة ، ويتمّ جلاء هذه القوات وفقا لأحكام هذه المذكرة في فترة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ انتهاء المعاهدة .

9ــ إن الأموال التي ستأخذ حكومة المملكة الأردنية الهاشمية أو تنقل إليها وفقا لأحكام الفقرات 5 ، 6 ، 7 من هذه المذكرة يتمّ أخذها من قبل حكومة المملكة الأردنية الهاشمية او تنقل إليها من قبل حكومة المملكة المتحدة في وقت لا يتجاوز السته اشهر من تاريخ انتهاء معاهده السنه 1948 .

10 ــ تسمح حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بالبقاء في أراضيها القوات البريطانية اللازمة لتنفيذ أحكام الفقرات 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9  من هذه المذكرة ، ويتم جلاء هذه القوات عن الأراضي الأردنية في فتره لا تتجاوز سته أشهر من تاريخ انتهاء معاهده سنه 1948 وفقا لأحكام الفقرة 2 من هذه المذكرة . 

وهكذا نصّت المذكّرة على جلاء القوّات البريطانية خلال فترةٍ أقصاها ستّة اشهر تبدأ من يوم الأربعاء الموافق  15 / 3 / 1957 م وتنتهي بيوم الأحد الموافق 15 / 9 / 1957 م .
وقد اضطربت أقوال الباحثين في تحديد نهاية الجلاء للقوّات البريطانية ، فالأستاذ سليمان موسى المؤرّخ المعروف يقول : " أما الجلاء عن ميناء العقبة فقد تم يوم 7 تموز 1957 " أ . هــ ، وقال المحامي الدكتور ليث كمال نصراوين : " جلاء آخر جندي بريطاني عن تراب الأردن في 13 آذار 1957 م " أ . هــ ، فيما قال الدكتور نصير شاهر الحمود : " مغادرة اخر جندي بريطاني لميناء العقبة بعد تعريب قيادة الجيش 13 حزيران / يونيو 1957م " أ . هــ
والصحيح أنّه لم ينتهي الوجود البريطاني في الأردن عامّة وفي العقبة خاصّة في الوقت المحدّد رغم المباشرة في الجلاء فقد استمرّ وجود قوّة بريطانية في العقبة إلى أواخر عام 1958 م .
غير أنّ الوثائق تدحض هذا وتبيّن أنّه كان للجيش البريطاني قواّت ظلّت تتواجد في العقبة حتى أواخر عام 1958 م . ففي الفترة بين 27 / 7 و 7 / 7 / 1957 زار العقبة طرّاد بريطاني لحقت به سفينة بريطانية بمناسبة انسحاب القوّات البريطانية . أي أنّه حتى ذلك التاريخ لم يستكمل انسحاب الجيش البريطاني .
وفيما يلي نصّ برقيّة السفارة البريطانية بخصوص زيارة الطرّاد والسفينة  : 

السفارة البريطانية
عمّان
التاريخ 20 / 6 / 1957 

تهدي السفارة البريطانية تحياتها إلى وزارة خارجية المملكة الأردنية الهاشمية ، ولها الشرف أن تعلمها أنه بمناسبة انسحاب القوات البريطانية من العقبة سيزور طراد صاحبة الجلالة موديست زيارة غير رسمية ميناء العقبة بين 27 من شهر حزيران والسابع من شهر تموز ، وسيرافق هذا الطراد الباخرة المساعدة جولد ريفجر ــ ناقلة زيت ــ من الأسطول الملكي من الثاني من تموز وتبقى حتى السابع منه . تنتهز السفارة البريطانية هذه المناسبة لتعرب لوزارة خارجية المملكة الأردنية الهاشمية عن فائق اعتبارها .

وزارة خارجية المملكة الأردنية الهاشمية ــ عمان 

ليس ذلك فقط بل توفّرت وثيقة أخرى تكشف عن وجود بقيّة للجيش البريطاني في العقبة حتى أواخر عام 1958 م بقيادة الزعيم قائد الجيش البريطاني في العقبة وتكشف طبيعة العلاقة مع أهالي المدينة ودوائر ومؤسسات الدولة الأردنية فيها .

المملكة الأردنية الهاشمية
وزاره الداخلية
قائمقامية العقبة
الرقم 3 / 14 /
التاريخ 9 / 8 / 1958 

سعادة الزعيم قائد الجيش البريطاني في العقبة 

أشير إلى المحادثة الشفوية التي تمت بيني وبينكم بخصوص علاقه الجيش البريطاني بالمدنيين من الأهالي فيما يتعلق بتزويد الجيش بالمشتريات المحلية أو تشغيل العمال الفنيين وغير الفنيين .
أرجو أن أعلمكم أن الترتيب الذي كان في السابق قبل رحيل الجيش البريطاني في مثل هذه الأمور كان على الوجه التالي :
1ــ فيما يتعلق بالمشتريات المحلية كانت تطرح عطاءات بواسطة القائمقام على التجار وتفتح هذه العطاءات في اليوم المحدود من قبلكم بحضور ممثل الأمن وليس من الضروري دائما أن يحال العطاء على مقدم أقل الأسعار . إن السبب في اتخاذ هذا الإجراء هو وقف تذمر التجار الذين حضروا إلى مكتبي وطالبوا أن يكون مجال التنافس مفتوح وإعطاء الفرصة للجميع . كما أنه يتيح لكم التعرف على الأسعار على حقيقتها .
2ــ تشغيل الموظفين والعمال .
إن الإجراء المتبع حاليا بالنسبة للشركات الأجنبية و للجيش البريطاني سابقاً هو أن تطلب المؤسسات من القائمقام حاجتها إلى العمال والموظفين ، ولدى القائمقام سجل بالأشخاص الذين يطلبون عمل أو وظيفة ، وهناك لجنة يرأسها القائمقام وعضوية مدير الميناء ورئيس البلدية و قائد المقاطعة تنتخب الأشخاص لمختلف المؤسسات حسب طلبها . إنني أرى أنه من الضروري الاستمرار
بالتقيد بهذا النظام وذلك حرصا على الأمن
ومنعا للبلبلة ولتعطيل الوقت . هذا ولا مانع من أن تقترح الجهة المسؤولة شخصا معينا إذا كان من الفنيين .
أما فيما يتعلق بالدوائر الرسمية التي من الممكن أن تحتاج لمساعدتها فإنها الدوائر التالية :
1ــ الميناء : فيما يتعلق بأمور الميناء فإن المسئول هو مدير الميناء السيد خالد بسيسو .
2ــ الجمارك : إن رئيس الجمارك هو السيد سليمان فرحان .
3ــ الصحة : إن طبيب الصحة هو السيد سليمان الصبيحي .
4ــ الشرطة : إن قائد المقاطعة هو الملازم الأول السيد صالح عبد الرحمن .
5ــ المحروقات : إن المسؤول عنها لجنة يرأسها المقدم حسين علي .
6ــ إن رئيس البلدية هو السيد مذكور الكباريتي .
7ــ إن مأمور الجوازات هو السيد عبد الغني التكروري .
8ــ يوجد فرع للبنك العثماني في العقبة .
 واقبلوا احترامي 

قائمقام العقبة
 فرحي عبيد
( التوقيع )

وبهذا فكلّ ما ورد عن جلاء آخر جندي من العقبة بتاريخ 13 / 3 ، أو 13 / 6 ، أو 7 / 7 / 1957 م غير صحيح . فهذه التواريخ  تخصّ انتهاء المعاهدة في 13 / 3 . أمّا 7 / 7 فهو تاريخ انتهاء زيارة الطرّاد موديست والسفينة جولد ريفجر ــ ناقلة الزيت إلى العقبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق