تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

الاثنين، 8 أكتوبر 2018

وفاة بعض أفراد كشّافة إربد في العقبة غرقاً عام 1945 م


 في شهر نيسان عام 1945 م قامت فرقة كشّافة مدرسة إربد الثانوية برحلة إلى مدينة العقبة ، وكان من ضمن برنامج الرحلة التنزّه بحرا بواسطة قوارب صغيرة ( قطاير ) ، كانت الرحلة بقيادة مدير المدرسة الأستاذ بشير الصبّاغ ، وكان قائدا الكشّافة هما الأستاذ لطفي عثمان والأستاذ مشهور قنّاش .
ركب الكشّافة القطيرتين نهار الأربعاء 25 / 4 / 1945 م الموافق 12 / جمادى الأولى / 1364 هــ ، وعرفنا منهم : 
1ــ الأستاذ بشير الصبَّاغ مدير مدرسة إربد .
2ــ الأستاذ لطفي عثمان أحد قادة الفرقة الكشفية .
3ــ الأستاذ مشهور قناش أحد قادة الفرقة الكشفية .
4ــ وليد خلف التل نجل رئيس بلدية إربد .
5ــ محمد موسى سالم الرشيدات
6ــ محمد توفيق الخصاونة .
7ــ محمد السمرين خريس .
7ــ أحمد كامل خليل الرشيدات شقيق المحامي النائب والوزير لاحقا الأستاذ شفيق الرشيدات .
8ــ رياض الهنداوي .
9ــ سمير مهيار .
10ــ عدنان أبو غنيمة
11ــ فيصل خورشيد .
12ــ زهير أبو السميد .
13ــ محمد فايز الصبـَّاغ .
وقد رافقهم صديق لهم وهو أحمد حامد الجمل أحد جنود كتيبة الجيش العربي الأردني المعسكرة في العقبة .
سارت القطيرتان في البحر ولم تلبث أن انقلبت إحداهما ممّا أدّى إلى غرق مجموعة منهم بلغ عددهم خمسة أفراد ، وقد كانت الحادثة كارثةً أصابت الكشّافة وأهليهم في منطقة إربد .
تداعى شباب العقباوية وبذلوا كلّ جهودهم في إنقاذ الكشّافة وقد حقّقوا نجاحاً كبيراً ، غير أنّه بعد تفقّد أفراد الكشّافة وُجد أنّ هناك أربعة أفراد لم يخرجوا وهم ثلاثة من الكشّافة والجندي ، فاضطّر مدير ناحية العقبة عبد الحميد العدوان وقائد الشرطة في البلدة إلى الاستعانة بغطّاسي كتيبة للجيش البريطاني في العقبة للبحث عن المفقودين ، ولم يلبث الغطّاسون البريطانيّون أن أخرجوا أربعة جثث ، وكانت هناك جثّة أخرجها الشباب العقباوي قبل ذلك فبلغ عدد الغرقى خمسة أفراد . وقد أثار هذا قريحة عدد من الشعراء ومن بينهم الشيخ نديم الملّاح فقد جاء في ديوانه :


تلاميذ تجهيز إربد والجندي المستشهدون غرقاً
طلاب تجهيز إربد 


في شهر نيسان من عام 1945 قامت فرقة كشّافة ثانوية تجهيز إربد برئاسة مدير المدرسة الأستاذ بشير الصباغ وأستاذي الكشافة لطفى عثمان و مشهور قشاش برحلة كشفية إلى العقبة وكان مديراً للناحية آنذاك السيد عبد الحميد العدوان .
وقد قام عدد من أفراد الكشّافة بالركوب في قوارب صغيرة ( قطاير ) للتنزه ، وخلال هذه النزهة وقع حادثٌ مؤسفٌ حيث انقلب إحداها وغرق نتيجتها أربعة طلاب من أفراد الكشافة وجندي كان يرافقهم في القارب .



وجاء في جريدة الدستور ــوأظنّه للشيخ زياد أبو غنيمة : 

قبل 65 عاما : فاجعة أدمت قلوب الإربداويين 
... غرق خمسة من كشافة إربد في مياه العقبة

لم يكن صباح يوم 25 ـ نيسان ـ 1945 م يوماً عادياً على أهالي إربد ، فقد نعى الناعي من فوق مئذنتي المسجد الغربي والمسجد الشرقي كما جرت العادة آنذاك وفاة عدد من شباب إربد وجوارها من أعضاء فرقة كشافة اليرموك التابعة لمدرسة إربد الثانوية غرقاً في مياه خليج العقبة ، كانت فاجعة بكل ما تحمله كلمة الفاجعة ، فاجعــة إنقضـَّـت على رؤوس وقلوب كلّ أهالي إربد ، رجالاً ونساءً وأطفالاً .
كان الشباب في رحلة كشفية إلى العقبة فاستهوتهم مياه خليج العقبة فتراكضوا وتوَّزعوا على قاربين يحملانهم نحو مياه خليج العقبة وما دروا أنَّ الموت كان يكمن لبعضهم بين ثنايا الأمواج ليتخطـَّـفهم واحداً بعد الآخر عندما انقلب أحد القاربين ، كانت مفاجأة لم يكونوا يتوقّعونها ، حدث هرج ومرج ، وصراخ وهياج ، وهبَّ الشباب العقباوية بالعشرات يقذفون بأنفسهم في الماء لإنقاذ الكشافة ووضعهم في القارب الآخر لنقلهم إلى الشاطئ حيث بدأ مدير مدرسة إربد الأستاذ بشير الصبَّاغ وقائداً الفرقة الكشفية الأستاذ لطفي عثمان والأستاذ مشهور قناش وغيرهم من الأساتذة يحصون أسماء الكشافة ، واكتشفوا نقصا في عددهم ، فهبَّ الشباب العقباوية ثانية نحو الماء فوجدوا مياه العقبة تتقاذف كشـَّافين متمسًّكين ببعضهما البعض ، ترفعهما الأمواج تارة وتخفضهما تارة فهرع الشباب إليهما وأخرجوهما من الماء ليتبين أن أحدهما كان وليد نجل رئيس بلدية إربد السيد خلف التل وكان غائبا عن الوعي ولم يلبث بعد إجراء الإسعافات الأولية له أن صحا من غيبوبته ، أما الآخر فكان الكشـَّاف الشهيد محمد توفيق الخصاونة الذي لم تنجح الإسعافات الأولية في إنقاذه رحمه الله ، كما نجا من الموت غرقا الشاب محمد موسى سالم الرشيدات ، وأخذ الشباب العقباوية يمسحون مياه الخليج علّهم يعثرون على بقية المفقودين الأربعة فلم يعثروا على أحد ، فأضطرَّ مدير الناحية وقائد الشرطة في العقبة إلى الإستعانة بكتيبة الجيش البريطاني التي كانت تعسكر في العقبة ، فأرسل الإنجليز عددا من الغطّاسين للبحث عن المفقودين ، ولم يلبثوا أن بدأوا يخرجون من أعماق المياه جثت ثلاثة آخرين من الشباب واحدا بعد آخر ، علي محمد السمرين خريس ، و"أحمد كامل " خليل الرشيدات " شقيق المحامي النائب والوزير لاحقا الأستاذ شفيق الرشيدات " ، ورياض الهنداوي ، وكانت المفاجأة حين أخرج الغطاسون الإنجليز جثة رابعة تبين أنها جثة الشاب الإربداوي أحمد حامد الجمل الذي كان جنديا في كتيبة للجيش العربي الأردني كانت معسكرة في العقبة وكان عريسا جديدا حيث كان قد تزوَّج قبل ثلاثة أشهر فقط ، فلما سمع بمَقدم كشافة إربد إلى العقبة وكان من بينهم بعض أصدقائه أخذ إجازة ليرافقهم في تجوالهم في العقبة ، وكان قدره أن يكون في القارب الذي انقلب ليغرق مع من غرقوا ، رحمهم الله جميعا.
وتحدث بعض أعضاء الفرقة الكشفية الذين نجوا من الغرق عن مفارقة في غاية الغرابة ، فقد كان الجندي الشهيد أحمد حامد الجمل قد أحضر معه " بابور الكاز " وكمية من الشاي والسكر ليصنع لأصدقائه الكشافة شاياً أثناء رحلتهم البحرية في القارب ، ولسبب لا يعلمه إلا الله عزَّ وجلَّ جاء إلى القارب الذي يـُقلّهم أستاذهم الشركسي مشهور قناش وطلب من أصدقاء الجندي محمد الجمل سمير مهيار وعدنان أبو غنيمة الذي كان أصغر الكشافة عمرا وفيصل خورشيد وزهير أبو السميد ومحمد فايز الصبـَّاغ أن ينتقلوا إلى القارب الآخر ، وجاء بكشافة آخرين من الذين ركبوا في القارب الثاني ليحلـُّـوا مكانهم ، وأبقى الجندي الجمل في نفس القارب الذي انقلب بعد قليل من دخوله مياه العقبة ليكون الجمل أحد الشهداء الغرقى الخمسة.
في إربد خيَّم الحزن فوق كل بيت من بيوت إربد ، عويل هنا ، وصراخ هناك ، ومضت أيام ثقيلة كئيبة حزينة بانتظار وصول جثت الشباب إلى إربد فقد كانت المواصلات من العقبة صعبة ، وكان يوم وصول الجثامين يوما مشهودا ، أغلقت الدوائر والمدارس والمتاجر ، لم يبق أحدّ في أربد إلا وخرج في جنازة الشباب ، رجالا وشبابا وأطفالا ، وتجمَّـعت نساء إربد على ظهر التل في مقابل المقبرة التي تقع على سفحه الشمالي ، ومضت الجنازة من المسجد الشرقي ، مهيبة ، كئيبة ، حملا على أكتاف الشباب من فرقة الكشافة التي كان الشهداء من إعضائها ، كان منهم زكي التل وعدنان أبو غنيمة وسعيد التل وسلطي التل وسعد التل وسمير مهيار وزهيـر أبو السميد ومهنـَّـد ألخص ومظهر عنّاب ومحمد فايز الصبـَّـاغ ووليد التل الذي نجا من الغرق وفيصل خورشيد وغيرهم من الشباب ، وكان الجميع ، الرجال والشباب والأطفال في حالة بكاء حقيقي كان أقرب إلى العويل ، حتى إذا اقتربت الجنازة من المقبرة وأصبحت تحت مرمى عيون النساء فوق ظهر التل اندلعت من عند النساء موجة من العويل وشق الثياب وتشليخ الشعر في صورة لم تشهد لها إربد مثيلاً ، وأطلقت ثلة من الجند رصاصات في الهواء ، ووسًّد الشهداءُ من شباب إربد في قبور متجاورات لا تزال قائمة في مقبرة إربد القديمة .
لقد كانت حقا فاجعة أدمت قلوب الإربداويين وقلوب كل الأردنيين من الرمثا إلى العقبة ، وطفق جرحها ينزف على مدى بضع سنوات لاحقات ، وقد خلــَّـد هذه الفاجعة الأليمة الأستاذ الشاعر جميل ذياب الذي كان معلّماً في مدرسة إربد الثانوية بقصيدة مطلعها :


كما خلـَّـد الأستاذ مدحت جمعة الذي كان معلّماً في مدرسة معان عند وقوع الفاجعة" السفير لاحقاً " هذه الفاجعة شعرا في قصيدة زوَّدني بها مشكورا الصديق محمد راشد العوض الخطيب : 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق