سبب تسمية أيلة ( العقبة ) بهذا الاسم

أَيْلَة بفتح الهمزة أوّله ، وسكون الياء المثنّاة التحتيّة ثانيه ، وفتح الّلام ثالثه ، وبتاء تأنيث في آخره ، على وزن فعلة .

وقد اختلفت أقوال أهل العلم في سبب تسمية أيلة هذا الاسم إلى أقوالٍ شتّى فمنهم من جعلها سُمّيت بهذا نسبةً لرجلٍ اسمه أيلة على أقوالٍ في ذلك ، ومنهم من جعلها سُمّيت بهذا نسبةً إلى امرأة اسمها أيلة ، ومنهم من قال أنّها عُرفت بهذا الاسم لأنّ أهلها يؤولون إليها ، إلى غير ذلك من الأقوال ، والصحيح أنّها عُرفت بهذا الاسم نسبةً إلى أيلة بن هوبر بن عمليق جدّ العمالقة من العرب البائدة ، وفيما يلي بيان ذلك : 

1ــ أوّلاً : تسمية أيلة نسبة إلى رجلٍ اسمه أيلة .

أختلف القائلون بتسمية أيلة إلى رجلٍ اسمه أيلة في الرجل الذي حملت المدينة اسمه على أقوال هي :

1ــ أنَّ أيلة سُمّيت بهذا الاسم نسبة إلى الملك أيلة بن هوبر العمليقي الذي كان أوّل من نزل فيها وبناها واتّخذها مقرّاً له . ذكر البيهقي في كتابه الكمائم أنَّ أوّل من نزل مدينة أيلة من طرف الشام من العمالقة أيلة بن هوبر العمليقي ، فبناها وتوالى ملكها في ولده ، وصار السميدع سمة لكل ملك منهم .
ونزل أخوه فاران بن هوبر بالمدينة التي في جهتها المعروفة بفاران . ولما نزل بنو إسرائيل بالتيه الذي أقاموا فيه أربعين سنة ، وهو على مرحلتين من أيلة ، كان العمالقة يغيرون عليهم ، فأذن لهم موسى عليه السلام في غزوهم ، ثم غزاهم يوشع بن نون فأفناهم ، وامتد بنو إسرائيل بعد ذلك إلى أرض العرب ، فسكنوا أيلة وغيرها " أ . هــ
وقال المقريزي : " وأمّا العمالقة فهم بنو عمليق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح ، وبهم يضرب المثل في الطول وعظم الجثمان " . قال : " نزل أرض أيلة : أيلة بن هوبر بن عمليق ، واتّصل ملكها في ولده ، وكان السميدع سمة لمن ملك منهم إلى أن كان آخرهم السميدع بن هوبر الذي قتله يوشع بن نون لمّا زحف بنو إسرائيل إلى الام بعد موسى عليه السلام ، وكان معظم حروبهم مع هؤلاء العمالقة بأيلة فغلب يوشع السميدع ، وانتزع ملكه "

2ــ ذكر الشريف محمد بن أسعد الجوّانيّ أنّ أيلة عُرفت بهذا الاسم نسبةً إلى أيلة وعلى قولٍ أيل بن دكالة من المصامدة من البربر ، وقال : " دكالة من البربر ، بطن من المصامدة ، وقالت طائفة : إنّ دكالة ولد أيلة ، ويقال : أيل الذي سميت به عقبة أيلة ، وأخر، أنهم من دغفل بن أيلة " أ . هــ

2ــ ثانياً : تسمية أيلة نسبة إلى امرأة اسمها أيلة .

قال الاحول وأبو المنذر : " سُميت أيلة ببنت مدين بن إبراهيم عليه السلام " أ . هــ

3ــ ثالثاً : تسمية أيلة لأنّ أهلها يؤولون إليها .

قال الأزهري : " أَيلْة : قرية عربيّة ، كأنها سُميت : أيلة ، لأن أهلها يَؤُولون إليها " أ . هــ

وزعم المقريزي أنّ أصل اسم أيلة أيليالية فقال : " قيل : إنّ أيلة أصلها أيليالية ، وقد وقع ذكرها في التوراة كذلك " أ . هــ

ومن الأقوال المعاصرة في تفسير اسم أيلة قول الدكتور حمد محمد بن صراي والدكتور يوسف محمد الشامسي حيث قالا : "  لفظة أيلة ، هو نسخ حرفي للاسم القديم الوارد في العبرية التوراتية بشكل إيلت  والذي هو جمع مؤنث من أبل بمعنى شجرة كبيرة أو نخلة أو غزال أو وعل أو كبش ، ولكن الأرجح أنها تعني واحة نخيل " أ . هــ

قلت : وأولى الأقوال في ذلك القول بأنّ أيلة سُمّيت بذلك نسبة إلى أيلة بن هوبر بن عمليق الذي نزلها ، واستقرّ قومه فيها عهداً طويلاً ، وأيلة قديم العهد جدّاً قبل عهد مدين ممّا يفسّر استقرار العماليق الطويل إلى أن صادموا بني إسرائيل في حروب طويلة انتهت بزوال ملكهم بمقتل السميدع ملك أيلة وهو من سلالة أيلة بن هوبر العمليقي .
والعماليق من العرب العاربة القديمة ، وهم أقدم وجوداً من مدين ، ومن إبراهيم عليه السلام الذي انحدر من سلالته بنو إسرائيل الذين حاربوا العماليق ، فقد كانت منطقة أيلة ذات موقع مهمٍّ جدّا على رأس خليج أيلة في ملتقى عدّة أقاليم هي الحجاز ومصر والشام ، وهي أقدم وجوداً وتأسيساً ممّن نُسبت تسميتها إليه في الأقوال الأخرى ، وكانت تتحكّم في المواصلات بين هذه الأقاليم المارّة بأرضها ، مما جعلها محطّ أنظار بعض الأمم كالعماليق الذين استوطنوا بلاد الشام ، وكانت لهم حروب دموية مع بني إسرائيل كما سنفرده في موضوعٍ آخر .
أنظر حرب العماليق مع بني إسرائيل هنا :
حرب العماليق مع بني إسرائيل في أيلة في زمن يوشع بن نون عليه السلام