العاشقون لأيلة والوالهون بها كثرٌ ، ومن بينهم الأستاذ الدكتور المؤرّخ سلطان المعاني ، فقد باح بمكنوناته الأدبية الجميلة في لوحة صاغها بروح المؤرّخ العاشق وعين الأديب وقلم الشاعر فأبدع التصوير ، وفيما يلي نصّ ما جاء في لوحته التاريخيّة التي تعبّر عمّا في جوانح محبّي العقبة على مرّ التاريخ :
العقبة
مرتع الأيائل وشموخ النخل
يتهادي البحر في إهاب ..
يحوك وشاح الضفاف ..
يسحب الأفق امتداد زرقة ..
يبيح للعاشقين قرض القصيد ..
يمنح الروح نوارس الشطآن ..
يسوق خطاه إلى " الأرض الجرز "..
تُنْبِتُ " سبع سنابل " ..
في " كل سنبلة مئة حبة " ..
إنها أيلة ..
يحوك وشاح الضفاف ..
يسحب الأفق امتداد زرقة ..
يبيح للعاشقين قرض القصيد ..
يمنح الروح نوارس الشطآن ..
يسوق خطاه إلى " الأرض الجرز "..
تُنْبِتُ " سبع سنابل " ..
في " كل سنبلة مئة حبة " ..
إنها أيلة ..
تهب الحكاية انسياق المدی ..
من شاطئ الحلم نحو رحاب الغمام ..
ومن زورق العتق صوب اندياح النشيد ..
ومن شجو موسيقاها إلى خِدر القمر ..
أيلة
قنديل الروح في درب اليقين ..
ياقوتة الفرح بين مخضل الضفائر ..
تحرس موج البحر النافر
أسراب قطا ..
والسابح صوب يناع الهوى ..
والرَّغاب .
آيلة .. تسابيح الطفل وبقايا تذكاراته .. ينتشي بتلك الذكري الحلم ، حيث يمسك الوالد .. بكل جلاله وهيبته وطوله الفارع يد الصبي ، يمضي معه .. يتنسم ندى مساءات أيلة .. يمضي صوب البحر .. يصطحب الطفل وقمر السماء .. فيا لمجد القامة العالية .. وطيب النسائم .. ودفق الحنان من القلب الكبير .. يا طهر الروح وطيب الفؤاد .. لا يشبه ما قلته ذلك المساء قول أحد .. لبيك يا بيدر الخير .. ويا سقيا الديار ..
في مساء الحكاية كانت حواري البحر تحرس الشاطئ .. وقد أرخى البحر جدائله .. وزف القمر تباشير الغد .. قال الأب هل ستذكرني بعدما تصعد الروح إلى باريها يا ولدي ؟ ... هل ستقص لأولادك القادمين من بطن الغيب .. عني .. وعمّا أقص عليك .. ؟ إيه يا أبي ... وكيف أنسى ؟!
هي العقبة .. بيت الحكاية .. سیدة المسافات من ميلادك إلى أن اختارك ذو الجلال والرحمة إلى جواره .. فها هي العقبة تسفر عن نفسها . وعن سحر مساءاتها التي تحيي تلك الذكري سرمدا .. وتجمل الدنيا في عيون الطفل الذي كبر .. فما يفتأ يقرأ الفاتحة على طهر الأرض من ثغرها الباسم
إلى ياقوصة اليرموك .. وقد استحالت روضة جنان بإذن ربها . حيث يرقد الأب .. صاحب الحكاية و الذكري ونسيم الخطرات ..
هي أيلة .. فماذا سطرت كتب التاريخ عن مباهج ثغرها وحسنها ؟.. عن مدينة البحر .. والفضاء الفسيح في لقيا المصريين والشاميين والحجازيین .. مدلاج البوح والنضارة .. نقشت على السفح أسفارها .. أضافت شموع الأدوميين .. والأنباط .. والأمويين .. والفاطميين والمماليك .. ووثقت لمحطات اليونان والآشوريين والرومان والعثمانيين .
في مساء الحكاية كانت حواري البحر تحرس الشاطئ .. وقد أرخى البحر جدائله .. وزف القمر تباشير الغد .. قال الأب هل ستذكرني بعدما تصعد الروح إلى باريها يا ولدي ؟ ... هل ستقص لأولادك القادمين من بطن الغيب .. عني .. وعمّا أقص عليك .. ؟ إيه يا أبي ... وكيف أنسى ؟!
هي العقبة .. بيت الحكاية .. سیدة المسافات من ميلادك إلى أن اختارك ذو الجلال والرحمة إلى جواره .. فها هي العقبة تسفر عن نفسها . وعن سحر مساءاتها التي تحيي تلك الذكري سرمدا .. وتجمل الدنيا في عيون الطفل الذي كبر .. فما يفتأ يقرأ الفاتحة على طهر الأرض من ثغرها الباسم
إلى ياقوصة اليرموك .. وقد استحالت روضة جنان بإذن ربها . حيث يرقد الأب .. صاحب الحكاية و الذكري ونسيم الخطرات ..
هي أيلة .. فماذا سطرت كتب التاريخ عن مباهج ثغرها وحسنها ؟.. عن مدينة البحر .. والفضاء الفسيح في لقيا المصريين والشاميين والحجازيین .. مدلاج البوح والنضارة .. نقشت على السفح أسفارها .. أضافت شموع الأدوميين .. والأنباط .. والأمويين .. والفاطميين والمماليك .. ووثقت لمحطات اليونان والآشوريين والرومان والعثمانيين .
هي أيلة ومن سواها ..؟! .. تاهت فوق هام المجد .. إذ حاز يوحنا بين رؤبة . صاحبها . كنوز الشمس . لا اتشحت بكتاب سيد الخلق محمد عليه السلام .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا أمنة من الله ومحمد النبي رسوله ليحنة بن رؤية وأهل أيلة أساقفتهم وسائرهم من البرِّ والبحر لهم ذمّة الله وذمّة النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر من أحدث منهم حدثاً فإنه لا يحول ماله دون نفسه وإنه طيب لمن أخذه من الناس وإنه لا يحل آن يمنعوا ما يريدونه ولا طريقاً يريدونه من برّ أو بحر . "
أيلة .. لم تُتعبُ الريح خطاها .. فعلى شاهق من الكبرياء احتفت بكتاب شرحبيل بن حسنة وجهيم بن الصلت في السنة التاسعة للهجرة .. وقد ظلت عامرة تضج بالحياة قرونا مذ ذاك الكتاب .. وها هو الملك الناصر صلاح الدين ينشئ رواسي البحر ويعلي أشرعة المراكب إعلانا لفتح القلعة في العقبة وتحريرها من الفرنجة .. فكان له الفتح وميض برق في ست وستين وخمسمائة للهجرة ..
عرفت العقبة في التاريخ اليوناني باسم بيرنایس وعرف خليجها باسم خليج لينتيز . وقد سماها الرومان إيلا . وإلينا . ونعتها البرتغاليون إيلانه .. كانت في زمانهم مرمي أحزان الحيارى .. و على عتباتها يتساقط صفصاف الخطايا .. وهي التي ابتني ابنها اسطفان كنيسة القديسة كاترين فوق جبل سيناء .
تسمت العقبة بأيلة زمن الأدوميين والآراميين . وأيلوت . فأيلة في عهد العرب الأنباط .. وقد تناوب الأدوميون والآراميون والعرب الأنباط على حكمها . وكانت مطمعا لليهود والرومان والبيزنطيين فاحتلوها غیر مرة .. بيد أنها لم تتطبع بطابعهم .. ولفظتهم في كل مرة .. حيث قيض لأيلة من يمنحها شرف الخلاص من الغرباء .. فتعاقبتها العصور الإسلامية المختلفة .
لم پدم نزف جرح أيلة بعد إحتلال الصليبيين لها .. فاكتست عبيراً وافترشت سجادة الكبرياء .. احتفاء بصلاح الدين الأيوبي في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي . وهو يعيد قلعتها وجزيرة فرعون إلى حظيرة الإسلام .. وجاء بعده بقرنين المملوكي قانصوه الغوري فوطد تحصين العقبة، حيث ابتنى في القرن الرابع عشر الميلادي حصنا منيعا فيها .
وقد فاضت أنهار النور على أيلة منذ العهدة النبوية لأهلها .. وظلت حاضرة التجارة والملاحة قرونا .. تمخر عباب البحر .. وتسلك الدروب في الجزيرة وبلاد الشام ..
وقد وهب هذا كله المدينة ثراء وازدهارا .. وحركة تصنع بها أسواقها . فقد كانت حبل الوصل بين الديار المصرية والحجازية والشامية " فإن أردتم أن يأمن البر والبحر فأطع الله ورسوله " ..
فكانت أيلة وجوارها معان والجرباء وأذرح والحميمة معاقل الإسلام الأولى قبل غيرها خارج الجزيرة العربية .. فيا أيلة كتبتك الأيام والحوادث سفرا مشرفا نتذاکره زمانا في ملحمة الوطن الخالدة ..
بحر أيلة فضاء رحب يتسع ... وباب مشرع للفرح... يقر في القلب يقينا يليق ببهائها .. ويقترب من قاماتها .. يلتمس قطر الندى الذي ينساب من حمرة الفسق .. فيفيض وجدان عشاقها بكر غيث على صفحات زرقتها .. تتلقفه باحتفالية وفرح طافحين ... أيلة مقام بليق بأهلها ويرتقي إلى حدود الوجدان والعقل ..
أيلة لهفة الانتظار .. وقد شَرَّعت له بابين . واحدا للإبداع وآخر للفرح . فإذا بالإبداع يتأتى صنيع عبقرية المكان . وإذا بالفرح يملأ قلوب الزائرين والعاشقين .
موعدنا مع أيلة شوق دائم .. وحلم قادم .. يستمر فيه العطاء ... ويتسع معه المدرك ..
أيلة .. عروس البحر الأحمر .. والثغر المنسدل عسلا ونورا . بحر الرواسي " المنشآت في البحر كالأعلام " .. مخرت عبابه سفينة الشراع الفينيقية .. واشتاقت لحضنه الدافئ سفن المعز لدين الله الفاطمي .. وسفن كليوبترا البطلمية .. تمضي السفينة في رحلة الإيلاف إلى اليمن السعيد .. تمر ببلاد بونتي .. تعود بالطيوب والتوابل والبخور .. ينتطرُها على خليج لينتيز العرب الأنباط .. رجال تاقوا للبراري .. وما لفظوا البحر .. ركبوا أحمره و أبيضه .. ابتلت اقدامهم بمياه جزر المتوسط وسواحله الشرقية في أوروبا ..
في أيلة.. سطوة للمكان .. ومهابة البحر .. وموج يضبط إيقاع القلب على تشكلاته .. وزرقة شفافة تمنح الروح غفران البوح ..ونداء التجلي ..
يقرأ عليك المكان في أيلة كل ذاتك .. يكرس حضورك الإنساني .. بوحك .. الفكرة الغافية في أعماقك .. صورة التبتل .. المفردة المتصوفة .. في" قهوة غندور " تتبعثر الكلمات جذلة .. تغازل حورية البحر .. فتحتفل الذاكرة بذلك الحضور العذب للتصابي الذي كان .. فلا تتوارى الذات خلف واقع اشتعال الشيب .. في " قهوة غندور " تتناهی الذات الشاعرة . حدّ الإفلات . مع اللحظة .. تستسلم الروح لتساميها وتوحدها مع أفق البحر المتصل بالسماء .. تسبح .. تغوص .. تتماوج تستحیل شراعا .. ترتقي نجما .. ففي أيلة يطيب لدرك الروح الإنعتاق .. وتقاسٌمُ حمْد العود لتحلو الحياة ..!
عرفت العقبة في التاريخ اليوناني باسم بيرنایس وعرف خليجها باسم خليج لينتيز . وقد سماها الرومان إيلا . وإلينا . ونعتها البرتغاليون إيلانه .. كانت في زمانهم مرمي أحزان الحيارى .. و على عتباتها يتساقط صفصاف الخطايا .. وهي التي ابتني ابنها اسطفان كنيسة القديسة كاترين فوق جبل سيناء .
تسمت العقبة بأيلة زمن الأدوميين والآراميين . وأيلوت . فأيلة في عهد العرب الأنباط .. وقد تناوب الأدوميون والآراميون والعرب الأنباط على حكمها . وكانت مطمعا لليهود والرومان والبيزنطيين فاحتلوها غیر مرة .. بيد أنها لم تتطبع بطابعهم .. ولفظتهم في كل مرة .. حيث قيض لأيلة من يمنحها شرف الخلاص من الغرباء .. فتعاقبتها العصور الإسلامية المختلفة .
لم پدم نزف جرح أيلة بعد إحتلال الصليبيين لها .. فاكتست عبيراً وافترشت سجادة الكبرياء .. احتفاء بصلاح الدين الأيوبي في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي . وهو يعيد قلعتها وجزيرة فرعون إلى حظيرة الإسلام .. وجاء بعده بقرنين المملوكي قانصوه الغوري فوطد تحصين العقبة، حيث ابتنى في القرن الرابع عشر الميلادي حصنا منيعا فيها .
وقد فاضت أنهار النور على أيلة منذ العهدة النبوية لأهلها .. وظلت حاضرة التجارة والملاحة قرونا .. تمخر عباب البحر .. وتسلك الدروب في الجزيرة وبلاد الشام ..
وقد وهب هذا كله المدينة ثراء وازدهارا .. وحركة تصنع بها أسواقها . فقد كانت حبل الوصل بين الديار المصرية والحجازية والشامية " فإن أردتم أن يأمن البر والبحر فأطع الله ورسوله " ..
فكانت أيلة وجوارها معان والجرباء وأذرح والحميمة معاقل الإسلام الأولى قبل غيرها خارج الجزيرة العربية .. فيا أيلة كتبتك الأيام والحوادث سفرا مشرفا نتذاکره زمانا في ملحمة الوطن الخالدة ..
بحر أيلة فضاء رحب يتسع ... وباب مشرع للفرح... يقر في القلب يقينا يليق ببهائها .. ويقترب من قاماتها .. يلتمس قطر الندى الذي ينساب من حمرة الفسق .. فيفيض وجدان عشاقها بكر غيث على صفحات زرقتها .. تتلقفه باحتفالية وفرح طافحين ... أيلة مقام بليق بأهلها ويرتقي إلى حدود الوجدان والعقل ..
أيلة لهفة الانتظار .. وقد شَرَّعت له بابين . واحدا للإبداع وآخر للفرح . فإذا بالإبداع يتأتى صنيع عبقرية المكان . وإذا بالفرح يملأ قلوب الزائرين والعاشقين .
موعدنا مع أيلة شوق دائم .. وحلم قادم .. يستمر فيه العطاء ... ويتسع معه المدرك ..
أيلة .. عروس البحر الأحمر .. والثغر المنسدل عسلا ونورا . بحر الرواسي " المنشآت في البحر كالأعلام " .. مخرت عبابه سفينة الشراع الفينيقية .. واشتاقت لحضنه الدافئ سفن المعز لدين الله الفاطمي .. وسفن كليوبترا البطلمية .. تمضي السفينة في رحلة الإيلاف إلى اليمن السعيد .. تمر ببلاد بونتي .. تعود بالطيوب والتوابل والبخور .. ينتطرُها على خليج لينتيز العرب الأنباط .. رجال تاقوا للبراري .. وما لفظوا البحر .. ركبوا أحمره و أبيضه .. ابتلت اقدامهم بمياه جزر المتوسط وسواحله الشرقية في أوروبا ..
في أيلة.. سطوة للمكان .. ومهابة البحر .. وموج يضبط إيقاع القلب على تشكلاته .. وزرقة شفافة تمنح الروح غفران البوح ..ونداء التجلي ..
يقرأ عليك المكان في أيلة كل ذاتك .. يكرس حضورك الإنساني .. بوحك .. الفكرة الغافية في أعماقك .. صورة التبتل .. المفردة المتصوفة .. في" قهوة غندور " تتبعثر الكلمات جذلة .. تغازل حورية البحر .. فتحتفل الذاكرة بذلك الحضور العذب للتصابي الذي كان .. فلا تتوارى الذات خلف واقع اشتعال الشيب .. في " قهوة غندور " تتناهی الذات الشاعرة . حدّ الإفلات . مع اللحظة .. تستسلم الروح لتساميها وتوحدها مع أفق البحر المتصل بالسماء .. تسبح .. تغوص .. تتماوج تستحیل شراعا .. ترتقي نجما .. ففي أيلة يطيب لدرك الروح الإنعتاق .. وتقاسٌمُ حمْد العود لتحلو الحياة ..!
الأستاذ الدكتور سلطان المعاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق