تخطيط بريطانيا لجعل العقبة قاعدة عسكرية لقوّاتها عام 1935 م

منذ أن وضعت القوّات البريطانية أقدامها في العقبة حتى أخذت تعدّ العدّة لتخطيط بعيد المدى يخدم مصالحها الاستعمارية بجعلها قاعدة عسكرية لقوّاتها ، فكان أن عملت على سلخ العقبة عن بلاد الحجاز وفاوضت السعوديّين بخصوص حدود العقبة ووقفت لهم بالمرصاد حينما أرادوا بعد استيلائهم على المملكة الحجازية استكمال ضمّ كلّ ما كان يُعتبر جزءاً من نلك المملكة . كان ذلك في العشرينيّات من القرن العشرين . وما برحت بريطانيا تخطّط وتدبّر لمستقبل بعيد المدى لوجودها في العقبة ، ومن ذلك ربطها بشبكة طرق مع بئر السبع وميناء حيفا ، ووضع قوّات مناسبة في العقبة ، وزيارة كبار المسؤولين الإنجليز للعقبة ، وفي أخبار الثلاثينيّات ما يكشف اللثام عن هذه المخطّطات ومن بين هذه الأخبار ما ذكرته إحدى الصحف عام 1935 م عن جعل العقبة مركزاً لتواصل القوّات البريطانية في كلّ من البحر المتوسّط والبحر الأحمر بحراً وفلسطين والأردن ومصر برّاً ، وفيما يلي ما ذكرته هذه الصحيفة :

عودة الى أهمية العقبة
اتصال أسطولین برّاً بواسطة السيّارات
اتخاذ جزيرة تيران مثوی لأسطول البحر الأحمر 

كتبنا مرّات في هذه الصفحة والصفحة الأولى أن استعدادات أقيمت لجعل العقبة مثوى لقطع من الأسطول الإنكليزي ، ونزيد اليوم بأن جزيرة تيرانا الواقعة وسطاً فيما بين خليجي العقبة والسويس جعلت هذا المثوى أو المركز ، وأن هذه التدابير اتخذت قبل هذه السنة على الأقل ، وقد كان في وزارة المستعمرات خارطة للعقبة تقضي بوصلها بشواطئ البحر المتوسّط بطريق واسع ممهّد ، وتمّ ذلك بالفعل ، ورأى السر ارشيالد مونتغمري تصميمه ، وزار الطريق المندوبان الساميان على مصر وفلسطين ، وبعد تمهيد قسم منها . والغرض من الطريق ــ عدا الفكرة العسكرية ــ سرعة الاتصال بقطع الأسطول وتموينها عن طرق فلسطين أو مصر عند الضرورة ، والهمّة مبذولة لإنشاء هذا المركز الحربي في جزيرة تيرانا التي تنازعتها مصر والحجاز فبسطت بريطانيا يدها عليها دون الاثنتين ويعمل في طريق العقبة ــ السبع جماعة من سكان غزة ، من حارة الشجاعية وربما كان عدد هؤلاء أكثر من 150 نفساً والمنتظر أن ينتهي رصف هذه الطريق قريبا بينما ينتهي الاستعداد في جزيرة تيرانا وهذه أهم وأكبر طريق حربي يمهد في فلسطين وشرقي الأردن وسوريا وربما في غيرها أيضا . وينتظر للعقبة مستقبل خطير تصبح فيه مركزاً هامّاً بعد أن كانت شبه منبوذة تعيش فيها جماعة ضئيلة من صيادي الأسماك في بيوت محصورة مبنية من اللبن ، وهكذا كان شأن السويس وغير السويس من بلدان .
وستتعاظم أهميّة حيفا بعد هذه التدابير العسكرية التي اتخذت في العقبة ، وبواسطة الطريق الممتدّ بين البلدين يستطيع الأسطول الراسي في حيفا الاتصال بالأسطول الراسي في العقبة بواسطة السيّارات بعد ساعات معدودة دون اللفّ طويلاً وعبور قناة السويس ويساعد هذا الاتصال في إنزال الذخائر وأسباب التموين .