كانت مصر بقيادة محمد علي باشا تدير القلاع الحجازية العقبة وظبا والمويلح والوجه تبعاً لما كان عليه الحال خلال العهد العثماني والمملوكي والأيّوبي والفاطمي . وكان في قلعة العقبة في عهد محمد علي نحو 30 جنديّاً . قال الرحّالة السويسري بيركهارت في رحلته عام 1816 م : " يحتفظ والي مصر بحامية في القلعة تتألّف من ثلاثين جنديّاً يقومون بحماية المؤن المكدّسة هناك لتزويد الحجّاج والفرسان عند مرورهم بالقلعة في طريقهم للإلتحاق بالجيش المتجمّع في الحجاز " أ . هــ
كان جنود القلعة من الجند المصري ، وكان بعضهم يمكث في الخدمة في القلعة سنين طويلةٍ ممّا جعلهم يؤثرون الاستقرار فيها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية ، وفي القرن التاسع عشر بدأت نواة سكّان القلعة بالتكوّن حينما أخذ بعض جنود القلعة يستقرّون في جوار القلعة ، ويبنون المساكن ويمارسون الزراعة والتجارة ، وقد أخذ أبناؤهم يحلّون محلّهم في الخدمة العسكرية ، وقد اصطدمت سياسة الاستقرار والاستيطان في العقبة بسياسة الحكومة المصرية بتبديل عساكر القلعة بين سنةٍ وأخرى ، ممّا جعلها تستغني عن العساكر من أهل البلدة ، وكانت بداية ذلك عام 1875 م ، فاعترض العساكر من أبناء العقبة وهم العساكر المحلّية ، فانتدبت الحكومة البيكباشي أحمد عرابي لحلّ المشكلة وترتيب الأوضاع ، فأعاد العساكر المحليّة ليعملوا كجنودٍ في القلعة ، وفي عام 1301 هــ 1884 م تمّ تحويل درب الحاج المصري من البرّ عبر سيناء فالعقبة إلى البحر من السويس إلى جدّة . قال نعوم شقير : " انقطاع الحجّ المصري منذ طلعة 1301 هــ 1884 م عن طريق سيناء واتّخاذه طريق البحر إلى جدّة " ، وقال : " أهملت الدرب المذكورة سنة 1884 " ، وقال : " سنة 1884 انقطع مسير الحجّ عن طريق سيناء " أ . هــ .
فكان أن ألحقت الحكومة المصرية القلاع الحجازية ومنها قلعة العقبة بنظارة الحربية . قال نعوم شقير : " كانت القلاع الحجازيّة تابعة في الإدارة لقلم الروزنامة بالمالية فلمّا كانت سنة 1885 ألحقت بنظارة الحربيّة إداريّاً وماليّاً وعسكريّاً وجُعلت تحت إدارة مدير المخابرات بمصر القاهرة وإشراف سردار الجيش المصري وناظر الحربيّة " ، وقال : " بعد انقطاع الحجّ المصري عن سيناء صدر قرار مدلس النظّار في 21 مايو سنة 1885 نمرة 131 بإلحاق القلاع الحجازية بالحربية وكانت تابعة للرزنامة بالماليّة " ، وعلى إثر ذلك رأت الحكومة الاستغناء عن العساكر المحلّية ، فلمّا تولّت نظارة الحربيّة إدارة القلاع الحجازية استجابت لشكاوى العساكر المحلّيّة فأعادتهم إلى قلعتي نِخِل والعقبة ، وظلّ العسكر من أهالي العقبة يتبعون الحربيّة المصرية إلى أن سلّمت الحكومة المصرية قلعة العقبة إلى الدولة العثمانية عام 1892 م .
وخلال ذلك العهد بدأت نوّاة العقباوية بالتشكّل حيث أخذ الجنود يستقرّون بعد انتهاء خدمتهم في القلعة ليتولّى الخدمة من بعدهم أبناؤهم ، وأخذ البعض يفد إلى العقبة للتجارة ثمّ طاب له المقام فاستقرّ فيها فما أن انتهى عهد الدولة المصرية حتى كانت جذور العقباوية قد تشكّلت من عساكر القلعة وبعض الموظّفين والتجّار ، وبقيت سلالاتهم فيها إلى يومنا هذا ، وقد صبروا على كلّ ظروفها ومآسيها ، وصعوبات الحياة فيها حتى أضحت منفى لكلّ مغضوب عليه من الحكومة الأردنية فيما بعد ، في ثلاثينيّات القرن الماضي ، ثمّ تطوّرها وازدهارها حتى باتت من أكبر مدن الأردن وأكثرها تجارة وصناعة واقتصاداً وتعليماً .
قال أحمد عرابى وفي مدّة الخديوي إسماعيل أُنتدبت لترتيب عساكر من أهالي القلاع الحجازية المحالة على الحكومة المصرية للمحافظة عليها بالنيابة عن الدولة العلية فسافرت في 24 شعبان سنه 1292 هــ من القاهرة إلى السويس ، وفي أوّل رمضان من السنة المذكورة توجّهت على ظهر الجمال إلى قلعة نِخِل بكسر النون والخاء ، وليس معي مساعد ولا كاتب ولا أجر لي على ذلك العمل الشاقّ بل كانت جميع المصاريف اللازمة لي وللخدمي وللجمالة الذين رافقونا من مالي الخاص ، لأن الحكومة كانت لا تعطي رجال العسكرية أجر سفريات رجال الملكية ، فلمّا وصلت إلى نخل رتبت العساكر اللازمة لها من أهلها ، وأرسلت العساكر المصرية التي كانت فيها إلى القاهرة بطريق البحر الأحمر ، وأنشأت في قلعة نخل مكتباً لتعليم الأطفال القراءة والكتابة شيئاً من القرآن وعهدت بمباشرة بمباشرة تعليمهم إلى وكيل القلعة وفقيه البلد ، ثمَّ توجّهت إلى قلعة العقبة فوصلتها بعد ثلاثة أيّام ، ثمَّ إلى قلعة المويلح ، ثمَّ إلى قلعة ظبا ثمَّ إلى قلعة الوجه ، ورتّبت في كلّ من هذه القلاع ما يلزمه من العساكر من أبنائه للمحافظة عليه ، وأنشأت فيه كذلك مكتباً لتعليم الأولاد تحت مراقبة وكلاء القلاع ، ثمَّ أرسلت جميع العساكر القديمة إلى مصر بطريق البحر الأحمر كذلك ، وبعد إتمام تلك المأمورية على الوجه الأكمل قفلت عائداً إلى مصر بحراً إلى مدينة القصير ، ثمّ برَّاً إلى مدينة قنا ، ثمَّ بحراً إلى مدينة أسيوط ، ثمَّ بطريق السكّة الحديديّة إلى الجيزة فالقاهرة ، وكان إنجاز هذه المأمورية في مدّة خمسة وأربعين يوماً " أ . هــ
وخلال ذلك العهد بدأت نوّاة العقباوية بالتشكّل حيث أخذ الجنود يستقرّون بعد انتهاء خدمتهم في القلعة ليتولّى الخدمة من بعدهم أبناؤهم ، وأخذ البعض يفد إلى العقبة للتجارة ثمّ طاب له المقام فاستقرّ فيها فما أن انتهى عهد الدولة المصرية حتى كانت جذور العقباوية قد تشكّلت من عساكر القلعة وبعض الموظّفين والتجّار ، وبقيت سلالاتهم فيها إلى يومنا هذا ، وقد صبروا على كلّ ظروفها ومآسيها ، وصعوبات الحياة فيها حتى أضحت منفى لكلّ مغضوب عليه من الحكومة الأردنية فيما بعد ، في ثلاثينيّات القرن الماضي ، ثمّ تطوّرها وازدهارها حتى باتت من أكبر مدن الأردن وأكثرها تجارة وصناعة واقتصاداً وتعليماً .
قال أحمد عرابى وفي مدّة الخديوي إسماعيل أُنتدبت لترتيب عساكر من أهالي القلاع الحجازية المحالة على الحكومة المصرية للمحافظة عليها بالنيابة عن الدولة العلية فسافرت في 24 شعبان سنه 1292 هــ من القاهرة إلى السويس ، وفي أوّل رمضان من السنة المذكورة توجّهت على ظهر الجمال إلى قلعة نِخِل بكسر النون والخاء ، وليس معي مساعد ولا كاتب ولا أجر لي على ذلك العمل الشاقّ بل كانت جميع المصاريف اللازمة لي وللخدمي وللجمالة الذين رافقونا من مالي الخاص ، لأن الحكومة كانت لا تعطي رجال العسكرية أجر سفريات رجال الملكية ، فلمّا وصلت إلى نخل رتبت العساكر اللازمة لها من أهلها ، وأرسلت العساكر المصرية التي كانت فيها إلى القاهرة بطريق البحر الأحمر ، وأنشأت في قلعة نخل مكتباً لتعليم الأطفال القراءة والكتابة شيئاً من القرآن وعهدت بمباشرة بمباشرة تعليمهم إلى وكيل القلعة وفقيه البلد ، ثمَّ توجّهت إلى قلعة العقبة فوصلتها بعد ثلاثة أيّام ، ثمَّ إلى قلعة المويلح ، ثمَّ إلى قلعة ظبا ثمَّ إلى قلعة الوجه ، ورتّبت في كلّ من هذه القلاع ما يلزمه من العساكر من أبنائه للمحافظة عليه ، وأنشأت فيه كذلك مكتباً لتعليم الأولاد تحت مراقبة وكلاء القلاع ، ثمَّ أرسلت جميع العساكر القديمة إلى مصر بطريق البحر الأحمر كذلك ، وبعد إتمام تلك المأمورية على الوجه الأكمل قفلت عائداً إلى مصر بحراً إلى مدينة القصير ، ثمّ برَّاً إلى مدينة قنا ، ثمَّ بحراً إلى مدينة أسيوط ، ثمَّ بطريق السكّة الحديديّة إلى الجيزة فالقاهرة ، وكان إنجاز هذه المأمورية في مدّة خمسة وأربعين يوماً " أ . هــ
قلت : يفيد لهذا النص بما يلي :
1ــ أنّه في رمضان سنه 1292 هــ 1875 م أصبح عساكر قلعة العقبة من أهالي البلدة أنفسهم .
2ــ أنَّ العساكر المصرية في هذه القلاع قد عادوا بحراً إلى الديار المصرية .
3ــ أنَّه في شهر رمضان 1292 هــ ( تشرين أوّل 1875 م ) تمَّ إنشاء مكتبٍ لتعليم أطفال الأهالي القراءة والكتابة وشيئاً من القرآن الكريم ، وذلك بإشراف وكيل القلعة وفقيه البلدة ، وكان هذا حال سائر القلاع كقلعة نِخِل والقلاع الحجازية : المويلح وظبا والوجه .
2ــ أنَّ العساكر المصرية في هذه القلاع قد عادوا بحراً إلى الديار المصرية .
3ــ أنَّه في شهر رمضان 1292 هــ ( تشرين أوّل 1875 م ) تمَّ إنشاء مكتبٍ لتعليم أطفال الأهالي القراءة والكتابة وشيئاً من القرآن الكريم ، وذلك بإشراف وكيل القلعة وفقيه البلدة ، وكان هذا حال سائر القلاع كقلعة نِخِل والقلاع الحجازية : المويلح وظبا والوجه .
وقد أشار نعوم شقير إلى ذلك فقال في ذكر قلعتي نِخِل والعقبة : " كان في كلّ قلعة نفرٌ من العساكر غير النظامية من متخلّفي العساكر المقيمين في بلدتي نِخِل والعقبة " ، وقال : " في سنة 1874 كان في قلعة نِخِل من هؤلاء العساكر 27 من المشاة و 6 من الطوبجية ، وكان نفرٌ منهم في قلعة العقبة ، وكان على الجميع حسين أفندي إبراهيم الجندي في نِخِل ناظراً " ، وقال في ذكر اليوزباشي محمد أفندي عفيفي سنة 1874 ــ 1876 : " وفي تلك السنة أصدرت الحكومة المصرية أمرها بعزل العساكر المحلّيّة من القلعتين وأرسلت بدلهم نفراً من العساكر النظامية وعليهم اليوزباشي محمد أفندي عفيفي فبقي في نِخِل سنتين " ، وقال : " وضجّ العساكر المحلّيّة وقالوا : إنّهم خدّام القلعتين من الآباء والأجداد ولا عمل لهم إلّا حمايتها فارسلت الحربيّة البكباشي عرابي ( عرابي باشا ) إلى نخل والعقبة مفتّشاً فنصح بإعادة العساكر المحلّيّة إلى القلعتين على أن يكون عليهم دائماً ضابطٌ من الجيش النظامي فعملت الحربيّة بنصحه ، وأرسلت اليوزباشي محمد أفندي عبده إلى نِخِل فأقام بها خمس سنين " ، قال : " وفي سنة 1882 كان الناظر في نِخِل اليوزباشي على أفندي حسين ووكيله في العقبة إسماعيل أحمد وكيل بلوكباشي " ، وقال : "... علي أفندي فإنّه أتّهم بالتقصير فعُزل وخلفه : اليوزباشي حسين أفندي أمين 21 مارس سنة 1883 : سنة 1885 ، وفي أيامه ، سنة 1884 انقطع مسير الحج عن طريق سينا ... وضعفت أهميّة القلاع الحجازية فصدر إليه الأمر من الرزنامة بمصر فسلّم قلعة نِخِل الى الشيخ مصلح شیخ التياها ، وذهب بالعساكر المحلية إلى مصر ، فأمرت بعزلهم ، فعلت أصواتهم بالشكوى ، وبقي بعضهم في مصر يواصل الشكوى مدة ثمانية أشهر " ، وقال : " الملازم الثاني إسماعيل أفندي عاصم سنة 1885 م ، وفي سنة 1885 كانت الحربيّة قد تولّت إدارة القلاع الحجازية فأصدرت أمرها بإعادة العساكر المحلّيّة إلى كل من قلعتي نخل والعقبة مع إنقاص عدد العساكر فجعلت في كلّ قلعة عشرة عساكر ستّة من المشاة. وأربعة من الطوبجية وعلى القلعتين ضابط برتبة ملازم ، وعيّنت لها إسماعيل أفندي عاصم فمكث في نِخِل نحو سنة ونصف سنة ، وخلفه الملازم الثاني محمد أفندي أمين التركي سنة 1886م فمكث نحو سنة " ، وقال : " وفي ۱۳ سبتمبر سنة 1888 م كان في العقبة الناظر محمد أفندي أمين ومعه الشيخ زاهر أحمد إمام نخل والعقبة و 12 عسكريا ، وفي نخل وكيل الناظر البلوكباشي عبد الله آغا عبد الغني ومعه ۱۰ عساكر ، وفي هذا العهد كانت الحربيّة قد جعلت القلاع الحجازية كلّها قومندانية واحدة مركزها العقبة ، وولّت عليها البكباشي سعد افندي رفعت ( أميرالاي الآن ). فلما استرجعت تركيا القلاع الحجازية من مصر حتى العقبة جعلت سيناء كلّها إلا محافظة العريش قومندانية واحدة مركزها نخل ، وبقي سعد افندي رفعت قومندانا عليها .
هذا وكان سعد أفندي عند إخلائه العقبة سنة 1892 قد نزل في وادي طابا على نحو 8 أميال من العقبة " أ . هــ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق