تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

الجمعة، 27 ديسمبر 2019

الشيخ محمد نصيف الحربي في معتقل العقبة عام 1925 م

الشيخ العالم محمد حسين نصيف الحربي رحمه الله تعالى 



على إثر تدهور وضع مملكة الحجاز بعد استيلاء جيش آل سعود على بلاد الطائف تنازل الشريف حسين بن علي عن الملك لابنه علي بن السحين الذي أصبح ملك الدولة الحجازية ، وفي تلك الأثناء اجتمع أعيان الحجاز في جدّة في دار الشيخ محمد نصيف وأسّسوا حزباً أسموه الحزب الوطني وكان مؤسّسو الحزب الوطني 12 رجلاً من الأعيان هم :
1ــ محمد طويل ناظر عموم الرسوم .
2ــ محمد طاهر الدباغ رئيس ماليّة جدّة .
3ــ سليمان قابل رئيس بلدية جدّة .
4ــ قاسم زينل أحد تجّار جدّة .
5ــ عبد اللّه رضا قائمقام جدّة .
6ــ محمد نصيف من كبار أعيان جدّة .
7ــ محمد صالح نصيف من كبار أعيان جدّة .
هؤلاء من أهالي جدة .
8ــ صالح شطا من كبار علماء مكّة .
9ــ عبد الرؤوف‏ الصبان من كبار أعيان مكّة وجدّة .
10ــ محمود شلهوب من أعيان مكّة .
11ــ الشريف شرف بن راجح أحد أشراف مكّة .
12ــ ماجد كردي صاحب المطبعة الماجدية بمكّة .
هؤلاء من أهالي مكة .
ورئيس الحزب محمد طويل .


وقد تمّ تشكيل الهيئة الإدارية للحزب وقد تألّفت من الآتية أسماؤهم : ‏
1ــ الشيخ محمد طويل : الرئيس .
2ــ الحاج قاسم زنيل : أمين الصندوق .‏
3ــ الشيخ عبد اللّه رضا : عضو .
4ــ السيد صالح شطا : عضو .
5ــ الشيخ عبد الرؤوف صبان : عضو .
6ــ الشريف شرف بن راجح : عضو .
7ــ السيد محمد طاهر الدباغ : عضو .
8ــ الشيخ سليمان قابل : عضو .
9ــ الشيخ محمد نصيف : عضو .
10ــ الشيخ محمد شلهوب : عضو .
11ــ الشيخ ماجد كردي : عضو .
12ــ الشيخ محمد باجسير : عضو .
تعيّن كاتبا للحزب.


وكان أهمّ ما قام به الحزب التواصل مع قائد جيش السلطان عبد العزيز آل سعود في سبيل حقن دماء المسلمين . قال الغازي : " توجه ستة أشخاص من الحزب إلى مكة : وفي يوم الأربعاء سنة ١٣٤٣ هــ توجّه الحزب من جدة إلى مكة ، وهم ستة أشخاص : الشيخ محمد نصيف والأعضاء : عبد الرؤوف الصبّان ، علي سلامة ، سليمان عزاية ، محمود شهلوب وصالح شطا ، حاملا تخويلا و توكيلا من الحزب الأساسي في كل مفاوضة تعود بحقن الدماء " أ . هــ 

وقال الخطيب : " بناء على ما حصل عليه التفاهم بين الحزب وأمير القوى النجدية الموجودة في مكّة انتدب الحزب وفداً من قبله أرسله إلى مكّة مكوّناً من الشيخ محمد نصيف رئيساً ، والشيخ عبد الرؤوف الصبّان ، والسيّد صالح شطا ، والشيخ محمود شلهوب ، والشيخ سليمان عزاية ، والشيخ علي سلامة أعضاء ، وسافر الوفد فعلاً إلى مكّة يوم الأربعاء 23 ربيع الأوّل فبلغ مكّة وقابل الأمير خالد بن لؤي " أ . هــ 


نفي عدد من كبار أعيان جدّة إلى العقبة .


بعد عودة وفد الحزب الوطنيّ من مكّة قرّر الملك علي بن الحسين نفي بعض كبار أعيان مدينة جدّة إلى العقبة بتهمة ممالأة القوّات النجدية ، وكان هؤلاء الأعيان هم :
1ــ الشيخ محمد نصيف من كبار أعيان جدّة ، ورئيس الوفد الذي قابل أمير الجيش النجدي الشريف خالد بن منصور بن لؤي في مكّة .
2ــ الشيخ سليمان عزايا .
3ــ الشيخ سعيد باخشوين .
4ــ الشيخ عبد الرحمن باجنيد .

وكان ذلك مساء الأحد 14 / رجب / 1343 هــ الموافق 8 / 2 / 1925 م  ، وظلّوا معتقلين إلى أن تمّ الإفراج عنهم فعادوا إلى جدة يوم الأربعاء ٨ رمضان سنة ١٣٤٣ هــ الموفق 1 / 4 / 1925 م ، وكانت مدّة ذلك خمسون يوماً . 
وفي ذكر ذلك قال الغازي : " سجن بعض رجال الحزب ونفي بعضهم‏ : أمر الملك علي وزير الحربية أن يقبض على بعض أشخاص في جدة ، وهم : قاسم زنيل ، علي سلامة ، سليمان عزاية ، عبد الرحمن باجنيد ، صالح شطا ، ويحاكمهم .
ثم يأمر بسجنهم ، ويعقد محكمة بإعدامهم ، وكان ذلك يوم الخميس ٩ ربيع الثاني سنة ١٣٤٣ هــ .
ثم بعد ستة أيام أحضرهم الملك في قصره ، وعفا عنهم بعد النصح لهم بعدم التعرّض ، أو التكلم في الحكومة ، فأطلقوا يوم الخميس ١٦ ربيع الثاني سنة ١٣٤٣ هــ .
وفي يوم الخميس ١١ رجب سنة ١٣٤٣ هــ أمر الملك بسجن الشيخ محمد نصيف ، وذلك بعد وصول فرس إلى جدة ــ قد أوصى الشيخ محمد نصيف لبعض أهل سوريا إلى إرساله ــ فلمّا وصل الفرس إلى جدة ، قالوا : إن هذا الفرس موفدة من علي باشا - أمير مكة سابقا - هدية إلى ابن سعود بواسطة الشيخ محمد نصيف . وبعد ثلاثة أيام ، أمر بتسفيره إلى العقبة ، فأخذوه ليلاً - الساعة السادسة من ليلة الأربعاء ١٤ رجب سنة ١٣٤٣ هــ - على الباخرة رقمتين .
ونفي معه أيضا الشيخ سليمان عزاية ، والشيخ سعيد باخشوين ، والشيخ عبد الرحمن باجنيد ، وباداود . فلما وصلوا إلى العقبة ، أدخلوهم‏ في قبو لا منفذ منه ولا نور ولا فراش ، ووجدوا فيه من الضيق ، وضنك العيش ما لا مزيد عليه " أ . هــ 


قلت : قول الكاتب : ليلة الأربعاء 14 رجب 1343 هــ خطأ ، والصحيح الأحد . 


شيخ العروبة أحمد زكيّ يتوسّط للشيخ محمد نصيف وصحبه .


حينما علم الشيخ أحمد زكي أحد روّاد إحياء التراث العربي الإسلامي ، وأحد أعيان النهضة الأدبية في مصر ، بخبر اعتقال ونفي الشيخ محمد حسين نصيف حتى بادر بمراسلة الأمير عبد الله بن الحسين أمير الأردن وكان تربطه به علاقة طيّبة يتشفّع لإخلاء سبيل صاحبه محمد نصيف .
قال الغازي : "  لمّا سمع أحمد زكي باشا باعتقال الشيخ محمد نصيف ، كتب إلى الأمير عبد اللّه ــ أمير شرق الأردن ــ هذه البرقية :

صاحب السمو الأمير عبد اللّه: أرجو أن يتجلّى حكم الرسول ، ويتجدّد عفو المأمون بشخصكم المحبوب ، فتتوسّطون لصديقي الوحيد السيد محمد حسين نصيف .
فقد ساءني جدا ما بلغني اليوم بنفيه من جدة للعقبة ، مع تضييق الخناقة عليه ، والإساءة إليه من واليها . وآمالي عظيمة فيمن هو أعظم فيها ، وهو سيدي الأمير ، بقبول شفاعتي وتنازله - بالتوسل بوالد الجميع - لإرساله بمصر بمنزلي ، وأنا أتعهّد بامتناعه مطلقا عما لا يرضيكم . و أنتم تعرفون صدق إخلاصي لسموّكم و لبيتكم الكريم .
أحمد زكي باشا


الأمير عبد الله بن الحسين يخلي سبيل الشيخ محمد نصيف وصحبه .


استجاب الأمير عبد الله أمير الأردن لرجاء صاحبه الشيخ أحمد زكي وحقّق له رغبته فتمّ إخلاء سبيل الشيخ محمد نصيف وصحبه ، فعادوا إلى مدينة جدّة . قال الغازي : " لمّا وصل التلغراف لسمو الأمير ، أبرق للأستاذ الباشا ما يلي :

عطوفة أحمد زكي باشا مصر : سأرفع ملتمسكم لمحلّ اللزوم ، وأوصل غيرتكم في العقبة ، كما وجهتمونا ، لحبكم الملتمس الذي هو خير و نعمة .
عبد اللّه‏


وبعد أيام قلائل أطلق الشيخ محمد نصيف ورفقائه ، وتوجهوا من العقبة إلى جدة ، فوصلوا جدة يوم الأربعاء ٨ رمضان سنة ١٣٤٣ هــ . ولمّا واجه الشيخ محمد نصيف الملك عليا ، قال له : قد ثبت إنك بريء ، وإن سفرك كتب عليك . ثم تمثل بقول الشاعر :

مشيناها خطا كتبت علينا * * * ومن كتبت عليه خطا مشاها

كل ذلك يدلّ على أنَّ جلالته أصبح قانعا بإخلاص الحقية لشخصه المحترم المحبوب ، وإن ما عزي إلي بوشاية الواشين . وبالختام ألتمس من عطوفكم قبول خالص شكري ، وفائق احترامي .
محمد حسين نصيف‏

والشيخ محمد نصيف هو أحد أبرز علماء بلاد الحجاز ومن أكبر أعيانها وهو أبو الحسن محمد بن حسين بن عمر بن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن نصيف الحربي ، وُلد عام 1302 هــ وتوفّي رحمه الله تعالى عام 1391 هــ ، وهو صاحب مكتبة من أهمّ المكتبات في المملكة العربية السعودية . أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود أمره بشراء قصر نصيف ومكتبته ، وجعلهما ملكًا للدولة وإبقائهما أثرًا وتاريخاً ، يُسمّيان باسم بيت نصيف ، وقد أهدى أحفاد الشيخ محمد نصيف مخطوطات مكتبته إلى جامعة الملك عبد العزيز بجدة . وانتقلت مكتبة الشيخ محمد بن نصيف للمكتبة المركزية جامعة الملك عبد العزيز بجدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق