تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

الاثنين، 18 يونيو 2018

درك درب الحجيج المصري بين قلعتي نخل والعقبة

تُعتبر قبيلة الأحيوات هم أهل العقبة القدماء الذين ظلّوا مرتبطين بها إلى يومنا هذا ، فالمنطقة الممتدة من قلعة العقبة باتجاه الحدود بين الأردن وفلسطين المحتلة كانت جزءاً من ديارهم ، كما أن المنطقة الواقعة شمال رأس الخليج من الساحل إلى قرب قاع السعيديّين في وادي عربة هي أيضا جزء من ديارهم .
فقد كانت المنطقة الممتدة من نخل في وسط سيناء إلى قلعة العقبة ضمن ديار قبيلة الأحيوات وتحت مسؤوليتهم في العهد العثماني والمصري خلال الاحتلال البريطاني .وقالت الأستاذة حليمة النوبي علي محمد في رسالتها للماجستير ( قبائل سيناء ( 1798 ــ 1869 ) : " تشير مخطوطات دير سانت كاترين منذ عام 1605 إلى أنّ الأحيوات والمساعيد يؤدّون خدمات مثل حماية قوافل الدير وحراسة طرق الحجّ من السويس إلى العقبة " ، وقالت : " شيخ قبيلة الأحيوات ... كان عليه درك الحراسة من نِخِل إلى جهة قلعة العقبة " ( قبائل سيناء ( 1798 ــ 1869 ) ، ص 38 و 114 ) ، وقال الدكتور صبري العدل : " استطاعوا انتزاع حق حماية طريق الحجّ بداية من نخل وحتى العقبة من بدو العايد " ( تاريخ سيناء الحديث ، ص 269 ، سيناء في التاريخ الحديث ، ص 279 )
وقد ذكر الرحالة السويسري جون لويس بيركهارت في مطلع القرن التاسع عشر أنّ قبيلة الأحيوات هم سادة العقبة فقال في ذكر الأحيوات في منطقة نخل في وسط سيناء في رحلته عام 1812م : " وعرب الأحيوات والسعودية المخيمون في هذه المنطقة يلقبون أنفسهم بأسياد العقبة والنخل ويبتزون سنويا من الباشا مبالغ معينة للسماح له بإشعالها ــ يعني قلعة نخل ــ ومع أنهم عاجزون كليا عن مجابهة جيوشه إلا أن الضريبة تدفع وذلك كيلا تبقى لهم أية ذريعة لسلب القوافل الصغيرة " ( رحلات بيركهارت ، ترجمة أنور عرفات ، ص 162 )

وفي حوالي منتصف القرن التاسع عشر ذكر الرحالة الفنلندي جورج أوغست فالن في رحلته عام 1845م أنّ قبيلة الأحيوات تستخدم قلعة العقبة كحالهم مع قلعة نخل في وسط سيناء ، وقال : " بعض القبائل كالأحيوي في العقبة تحتفظ بخيامها في قريتها أو في مخزن أو حانوت يخصص في القلعة لكل شيخ من شيوخ المناطق المجاورة " ( صور من شمالي جزيرة العرب ، ص 17  ) .
وكان الأحيوات في العقبة من بين القبائل التي خاطبها محمد علي باشا فقد جاء في إحدى الوثائق المؤرخة بتاريخ  29 / رمضان / 1263 هــ الموافق 11 / سبتمبر / 1847 م أنّ محمد علي باشا حاكم مصر أرسل أمرا كريما إلى أحد عشر شيخا بالمبادرة بتعداد أنفارهم على أكمل وجه لأنه سيطلب منهم عساكر للحرب إذا لزم الحال مع صرف مرتّباتهم فصدرت أوامر إلى كل من :
1ــ شيخ عربان الحسابلة بجوار السويس .
2ــ شيخ عربان قبيلة الحويطات بجنوب السويس .
3ــ شيخ عربان الحويطات البرارة بجوار قلعة المويلح .
4ــ شيخ عربان اللحيوات بمنطقة العقبة .
5ــ شيخ عربان المساعيد بمقابر شعيب .
6ــ شيخ عربان الطور بجبل الطور .
7ــ شيخ عربان التياها بمنطقة نخل .
8ــ شيخ عربان المساعيد بالعريش .
9ــ شيخ عربان السواركة بمنطقة العريش .
10ــ شيخ عربان الحويطات بمنطقة العريش .
10ــ شيخ عربان الصوالحة بمنطقة الطور .

وقد صدرت الأوامر السابقة لمشايخ القبائل بتعداد على أكمل وجه وبأنّه سيطلب منهم عساكر للحرب إذا لزم الأمر وأنّه سوف لا يكلّفهم بشيء سوى تلك المهمة الشريفة وهي المحاربة مع صرف مرتّباتهم ( قبائل سيناء ( 1798 ــ 1869 ) ، حليمة النوبي علي محمد ، رسالة ماجستير غير منشورة ، ص 130 )   

وفي مطلع القرن العشرين قال نعوم شقير في كتابه الذي أعدّه عام  1906 م : " كان درك الأحيوات في درب الحجّ المصري من مطلّة نِخِل الشرقيّة إلى العقبة " ( تاريخ سيناء ، ص 122 ) .

قلت : يتّضح من هذا أنّ قبيلة الأحيوات يمتلكون القسم الغربي من العقبة وهي منطقة المرشّش ويمتدّ دركهم حتى قلعة العقبة ، كما يمتلكون القسم الشمالي من العقبة الممتدّ من راس الخليج إلى القرب من قاع السعيديّين في وادي العربة شمالاً بالإضافة إلى ما كانوا يمتلكونه من حفائر أي حدائق النخيل في العقبة ن وقد كان القسم الأكبر من نخيل العقبة قديماً لقبيلة الأحيوات . ذكر الرحالة السويسري جون لويس بيركهارت في رحلته عام 1812 م أنّ القسم الأكبر من نخيل العقبة هي لقبيلة الأحيوات فقال : " في العقبة غابات من شجر النخيل والقسم الأكبر منها يخص عرب الأحيوات " ( Travels in Syria and the Holy Land , by John Lewis Burckhardt , london , p ; 450 ، وانظر : رحلات بيركهارت ، ترجمة أنور عرفات ، المطبعة الأردنية ، عمّان ، الأردن ، الطبعة الأولى 1969 م ، ج 2 ، ص 163 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق