تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

الأربعاء، 7 نوفمبر 2018

من مواضع العقبة : الثمايل على شاطئ البحر


الثمايل جمع ثميلة ، وهي حفرة ليست عميقة وماؤها ضعيف ، وقد يختفي في بعض الأحيان ، ثمّ يعود في موسم الأمطار ، وفي بعض الأحيان ونتيجة للبحث عن مائها تصبح الحفرة عميقة . قال نعوم شقير : " الثميلة : وهي حفرة قريبة الغور يظهر فيها الماء توّاً بعد المطر ، وتنشف في الصيف إلّا إذا غزر المطرّ جدّاً في الشتاء " أ . هــ
وقال ياقوت الحموي : " والثميل : ما يبقى من الماء " أ . هــ ، وقال ابن منظور : " الثُّمْلة والثَّمَلة والثَّمِيلة والثُّمَالة : الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي أَسفل الْحَوْضِ أَو السِّقاء أَو فِي أَي إِناء كَانَ . والمَثْمَلة : مُسْتَنْقَع الْمَاءِ، وَقِيلَ : الثُّمَالةُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ فِي أَيّ شَيْءٍ كَانَ " ، وقال : " والثَمِيلُ جَمْعُ ثَمِيلةٍ : هي بَقِيَّةُ الماء في القَلْتِ أَعني النُّقْرةَ الَّتِي تُمْسَكُ الْمَاءَ فِي الجَبل " ، وقال : " الثَّمِيلُ : بَقِيَّةُ ماءٍ تَبْقَى بَعْدَ نُضُوبِ المياهِ " أ . هــ
وقال القالي : " الثميلة : البقية تنقى من الماء فِي الصخرة أو الوادي ، وقد قَالُوا : الثميل : الماء الَّذِي يبقى فِي الوادي بعد مضى السيل عَنْهُ " أ . هــ
وقد اشتهرت العقبة منذ عهدٍ بعيدٍ جدّاً بثمايلها التي كانت من موارد الحجّاج في موسم الحجّ ، وأقدم ما رأيته عن ثمايل العقبة هو ما ذكره العبدري في رحلته إلى الحجّ عام 688 هــ في ذكر أيلة ( العقبة ) : " ماؤها أحساء في الرمل " ، قال : " والأحساء المذكورة في ساحل البحر ، وإذا طمت الموجة كستها ومع ذلك ما أثّر فيها ماء البحر ، فسبحان من لا غاية لغرائب صنعه ، ولا حيلة في إعطائه ومنعه " ، وقال في ذكر عقبة أيلة : " والمنهلة من هذا الموضع قريبة على نصف يوم ، رحلنا في وقت الظهر أو قبله بيسير ، فوردناها في وقت المغرب ، وهي أحساء على البحر غزيرة عذبة مثل الأولى سواء ، ومن هناك يُدخل إلى وادي القُرّ "

قلت : الأحساء هي الثمايل . قال ياقوت الحموي : " الاحساء تجرى تحت الحصى على مقدار ذراعين وذراع وربما أثارته الدواب بحوافرها " ، وقال : " الأحساء : بالفتح والمد، جمع حسي ، بكسر الحاء ، وسكون السين : وهو الماء الذي تنشفه الارض من الرمل ، فإذا صار إلى صلابة أمسكته ، فتحفر العرب عنه الرمل فتستخرجه ، قال أبو منصور : سمعت غير واحد من تميم يقول : احتسينا حسيا أي أنبطنا ماء حسي ، والحسي الرمل المتراكم ، أسفله جبل صلد ، فإذا مطر الرمل نشف ماء المطر ، فإذا انتهى إلى الجبل الذي تحته ، أمسك الماء ، ومنع الرمل وحر الشمس أن ينشفا الماء . فإذا اشتد الحر نبث وجه الرمل عن الماء فنبع باردا عذبا يتبرض تبرّضاً . وقد رأيت في البادية أحساء كثيرة على هذه الصفة ، منها أحساء بني سعد بحذاء هجر ... وبحذاء الحاجر في طريق مكة أحساء في واد متطامن ذي رمل ، إذا رويت في الشتاء من السيول ، لم ينقطع ماء أحسائها في القيظ " أ . هــ
ومن الطرائف المتعلقّة بالثميلة أنّ احد البدو تبادع مع أحد العريشيّة وهم سكّان مدينة العريش في شمال شرق سيناء ، والعريشية كالعقباوية يلفظون الثاء تاءاً في بعض الكلمات كالثميلة والوثر فيقولون : التميلة بالتاء المثنّاة وليس بالثاء المثلّثة ، فقال البدوي :
لك حيلة تقول الوثر والوثر من حرد الثميلة
فردّ عليه العريشي وكان مبدعاً :
مالي ومال الكلمة اللي عَ لساني ثقيلة
قلت : تبادع أي قال شعراً مغنّى في السامر وهي ما نعرفه باسم المبادعة .
والعجيب أنّ الطيور والأنعام تعرف مواضع ثمايل العقبة فتشرب منها ، وحينما تطمرها الأمواج تغوص بعض الطيور لتشرب منها داخل ماء البحر ، وحينما يكون البحر مائجاً تنتظر حتى تعود الأمواج أدراجها لتشرب من مياه الثمايل على شاطئ البحر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق