تهتم هذه المدونة وتعنى بتاريخ وتراث وأعلام العقبة وجوارها

الجمعة، 3 أغسطس 2018

صفحة من تاريخ العقبة : الشريف حسين عن الحكومة البريطانية : فلتبعث بي إلى المرّيخ


في الثلاثينيّات من القرن الماضي ( القرن العشرون ) كانت العقبة مدار أحداث جسام وتخطيط هائل من قبل الإنجليز فقد كانت العقبة ممرّاً لقوّات الشيخ حامد ابن رفادة البلوي من كبار شيوخ قبيلة بلي في بلاد الحجاز الذي حظي بدعم الإنجليز والسماح بدعمه وتجمّع قوّاته لمحاربة الدولة السعودية ، فأضحت العقبة خليّة نحل لتلك الأحداث . فيما يلي مقالة لمجلّة المصوّر المصرية تتناول شيئاً من أحداث تلك الفترة :


مشكلة العقبة والجزيرة العربية 

بمناسبة تعيين حاكم بريطاني لها وإعلان الأحكام العرفية فيها 

روت بعض الصحف في هذا الأسبوع أن الإنجليز احتلوا العقبة ثم نفيت هذه الرواية ، وقيل أن الإنجليز أرسلوا بارجة حربية إلى العقبة لتتثبت من عدم تهريب السلاح من شرقي الأردن إلى الثوار الذين يتولى ابن رفادة قيادتهم ، وأنه لمّا تبيّن لها أنَّ الاحتياطات التي أُتخذت لمنع التهريب كافية غادرت مياه العقبة إلى السويس ، ثمَّ جاءت الأخبار بأنَّ الأحكام العرفية أعلنت في العقبة ، وأنَّ حاكماً بريطانيّاً عُيّن لمينائها .
وسواء صحّت الرواية الأولى أو لم تصحّ فسيكون للعقبة شأنٌ كبيرٌ في السياسة العربية إن عاجلاً أو آجلاً لاعتبارات شتّى ، أهمّها أنَّ الملك ابن السعود ما فتئ يطالب بالعقبة بحجّة أنّها جزءٌ من الحجاز الخاضع له ، والإنجليز يعارضون في ذلك بزعم أنَّ الملك علي ملك الحجاز السابق منحها لشقيقه سمو الأمير عبد الله أمير شرقيّ الأردن . والواقع أنَّ الإنجليز يريدون أن تظلَّ العقبة لشرقيّ الأردن لأنَّ هذه الأمارة مشمولة بالانتداب البريطاني كما هو معلوم . ولمركز العقبة الجغرافي أهميّة كبيرة في الجزيرة العربية كما يرى من موقعها في الخارطة التي تنشرها مع هذا الكلام .
ومسألة العقبة ليست وليدة اليوم فقد نشأت مشكلتها منذ ما طلب الإنجليز من المغفور له الملك حسين الهاشمي مالك الحجاز الأسبق أن يتنازل عنها وعن معان ( وهي في شرقي الأردن الآن ) في المعاهدة التي تعقد بينه وبين بريطانيا العظمى لإلحاقها بشرقيّ الأردن ، فأبي جلالته ذلك حتى بعد تنازله عن العرش ، و التجائه إلى العقبة فأبلغته الحكومة البريطانية أن بقاءه فيها ( أي في العقبة ) يعرّض حدود شرقيّ الأردن وفلسطين للخطر بسبب الحرب القائمة بين ابن السعود والحجاز ولكيّ لا يكون سبباً في حصول مشاكل جديدة بين إنجلترا والسلطان ابن السعود سلطان نج ، وردَّ الملك حسين على هذا التبليغ قائلاً : أنه لا يبرح العقبة الا بالقوّة . وممّا قاله في ردّه : " ولذلك لا أرى مندوحة عن بقائي في مكاني وإن شاءت حكومة جلالة ملك بريطانيا فلتبعث بي إلى المرّيخ " .
فكان من نتيجة هذا الردّ أن ذهبت بارجة بريطانية إلى العقبة وأقلّت الملك حسيناً إلى قبرص حيث ظلَّ مقيماً حتى أواخر حياته فعاد إلى شرقيّ الأردن وتوفّي فيها .
وحدث على أثر رحيل الملك حسين عن العقبة آن دارت مفاوضات عليها بين الأمير عبد الله وشقيقه الملك علي الذي تبوّأ عرش الحجاز بعد والده الحسين ، وانتهت هذه المفاوضات بتنازل الملك علي عن العقبة ومعان لإمارة شرقيّ الأردن فاتّسعت بذلك حدود هذه الأمارة وازداد عدد سكّانها .
واحتفل الأمير عبد الله بضم العقبة ومعان إلى إمارته احتفالاً كبيراً فسافر يومئذٍ إلى معان بنفسه ورفع العلم العربي على دار الحكومة فيها بيده ووجّه سموّه الكتاب التالي إلى رئيس حکومته وهو :
" نظراً لتنسيب صاحب الجلالة الهاشمية الملك علي المعظم ملك البلاد المقدّسة الحجازيّة أیّده الله وأدام نصره ضمّ ولاية معان والعقبة إلى إمارتنا . اقتضى إصدار ارادتنا اليكم إعلاماً بذلك مع الشكر الدائم لجلالته الملكية " .

هذه هي خلاصة تاريخ مشكلة العقبة فهل تكون عقبة في سبيل انتشار السلام في الجزيرة العربية .
هذا ما سيميط الغد عنه اللثام  .


قلت : هذه بعض أحوال العقبة قبل نحو 85 عاماً ، ولا بدّ هنا من أن أشكر الأخ الفاضل الحاج سالم بن زيدان ابن كسّاب الأحيوي الذي زوّدني بصورة المقالة ، وهي المقالة التي نشرها الأستاذ أحمد فوزي في مدونته مصر 30 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق