قال مالك : بلغني أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز على أيْلَة كتب إليه : إنَّ قومي يمتارون القمح منها يمتارونه إلى غيرها ، وإنه بلغني أن أَمير المؤمنين منع طعاماً أن ينقل .
فكتب إليه عمر : ما ظننت أن أحداً أبَه لهذا ، وإن الله تعالى أحل البيع وحرم الربا ، فخل بين الناس وبين البيع والابتياِع .
فكتب إليه عمر : ما ظننت أن أحداً أبَه لهذا ، وإن الله تعالى أحل البيع وحرم الربا ، فخل بين الناس وبين البيع والابتياِع .
قال مالك : كان مِن العيب الذي يُعاب به من مضى ويرونه ظلماَ عظيماً منعُ التجر .
قال محمد بن رشد : المعنى عندي والله أَعلم فيما كتب به عامل أيلة إلى عمر بن عبد العزيز أن الناس كانوا يمتارون القمح من أيلة إلى غيرها ليبيعوه بها فهمَّ أن يمنعهم من ذلك لما بلغه أنه منع طعاماً أن ينقل ، وإنما كان منع والله أعلم مِن نقله للاحتكار ، فكتب إليه : ما ظننت أن أحداً أبه لهذا ، أي : ما ظننت أنَّ أحداً همَّ بالمنع من مثل هذا فلا تمنع منه ، وخلّ بين الناس وبينه ، فإن الله قد أَحل البيع وحرم الربا ، فنقل الطعام من بلد إلى بلد للبيع جائز ، وإن أضرَّ ذلك بسعر البلد الذي ينقل منه كان بأن تعلية الأسعار بالبلد الذي ينقل منه ترخيصاً في البلد الذي ينقل إليه .
والمسلمون في جميع البلد أُسوة ، ليس بعضهم أحق بالرفق من بعض .
والمسلمون في جميع البلد أُسوة ، ليس بعضهم أحق بالرفق من بعض .
وسئل مالك عن صاحب السوق يريد أن يسعر على الناس السوق ، فيقول لهم : إما بعتم بكذا وكذا ، بسعر يسميه لهم ، وإما قمتم ، قال : لا خير في هذا . قيل له : إنه يأتي الرجل يكون طعامه ليس بالجيد ، وقد بدل سعرا فيقول لغيره : إما بعتم مثله ، وإما رفعتم ، قال : لا خير في ذلك ، ولكن لو أنَّ رجلا أراد بذلك فساد السوق ، فحط عن سعر الناس لرأيت أن يقال له : إما لحقت بسعر الناس وإلا رفعت ، فأما أن يقول للناس كلهم ، فليس ذلك بالصواب ، وذكر حديث عمر بن عبد العزيز في أهل أيلة حين حط سعرهم لمنع البحر ، أن كتب في ذلك أن خل بينهم وبين ذلك ، فإنما السعر بيد الله .
قال محمد بن رشد : هذا كما قال : إنه لا بأس به ، أما الجلاب فلا اختلاف في أنه لا يسعر عليهم شيء مما جلبوه للبيع ، وإنما يقال لمن شذ منهم ، فحط من السعر ، أو باع بأغلى مما يبيع به عامتهم : إما أن تبيع بما يبيع به العامة ، وإما أن ترفع من السوق ، كما فعل عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بحاطب بن أبي بلتعة ، إذ مر به وهو يبيع زبيباً له في السوق ، فقال له : إما أن تزيد في السعر ، وإما أن ترفع من سوقنا ؛ لأنه كان يبيع بالدرهم أقل مما كان يبيع به أهل السوق ، وأما أهل الحوانيت والأسواق الذين يشترون من الجلاب وغيرهم جملا ، ويبيعون ذلك على أيديهم مقطعا مثل اللحم والأدم والفواكه ، فقيل : إنهم كالجلاب لا يسعر عليهم شيء من بياعتهم ، وإنما يقال لمن شذ منهم وخرج عن الجمهور : إما أن تبيع كما يبع الناس ، وإما أن ترفع من السوق " أ . هــ
قال محمد بن رشد : هذا كما قال : إنه لا بأس به ، أما الجلاب فلا اختلاف في أنه لا يسعر عليهم شيء مما جلبوه للبيع ، وإنما يقال لمن شذ منهم ، فحط من السعر ، أو باع بأغلى مما يبيع به عامتهم : إما أن تبيع بما يبيع به العامة ، وإما أن ترفع من السوق ، كما فعل عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بحاطب بن أبي بلتعة ، إذ مر به وهو يبيع زبيباً له في السوق ، فقال له : إما أن تزيد في السعر ، وإما أن ترفع من سوقنا ؛ لأنه كان يبيع بالدرهم أقل مما كان يبيع به أهل السوق ، وأما أهل الحوانيت والأسواق الذين يشترون من الجلاب وغيرهم جملا ، ويبيعون ذلك على أيديهم مقطعا مثل اللحم والأدم والفواكه ، فقيل : إنهم كالجلاب لا يسعر عليهم شيء من بياعتهم ، وإنما يقال لمن شذ منهم وخرج عن الجمهور : إما أن تبيع كما يبع الناس ، وإما أن ترفع من السوق " أ . هــ
قلت : يفيدنا هذا الخبر أنّ تجّار أيلة كانوا يمتارون القمح ، وكانوا يبيعونه ، فخشي أمير المدينة أن يكون هذا العمل داخلاً في باب الاحتكار ورفع الأسعار على المسلمين فكتب إلى أمير المؤمنين بما كان ، فكتب إليه الخليفة أن يخلّي بين التجّار وبين التجارة فهذا لا يدخل في الربا بل يدخل في البيع الذي أحلّه الله تعالى .
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى تولّي الخلافة لنحو عامين ونصف في الفترة من عام 99 ــ 101 هــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق